للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَاعُونَ (٧)[الماعون: ٧]، فالماعونُ ما هو عَونٌ لأَخيه في حَوائجِه كالفَأسِ والقَدرِ وغيرِ ذلك، فإذا منَعَ هذه الأَشياءَ كانَ هو غايةَ الشحِّ عصَمَنا اللهُ تَعالَى عن سَفسافِ الأُمورِ وشُحِّ الصُّدورِ، وأيضًا فإنَّ النَّبيَّ باشرَ الاستِعارةَ، فلو كانَ العارُ في طَلبِ العارِيةِ لَما كانَ باشرَها؛ فإنَّ النَّبيَّ مَوصوفٌ بالأَخلاقِ المُهذَّبةِ والمُكرَمةِ والنُّعوتِ المُعظَّمةِ (١).

مَشروعيةُ العارِيةِ:

العارِيةُ عقدٌ مُستحَبٌّ ومَندوبٌ إليه مِنْ الشَّرعِ؛ لِمَا فيه مِنْ قَضاءِ حاجةِ المُسلمِ، وقد ندَبَ الشَّرعُ إليها بقولِه تَعالَى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢] وهي مِنْ البِرِّ.

وفسَّرَ جُمهورُ الفَقهاءِ قولَه تَعالَى: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)[الماعون: ٧]. بما يَستعيرُه الجِيرانُ بعضُهم مِنْ بعضٍ كالدلوِ والفَأسِ ونحوِه.

وعن قَتادةَ قالَ: سمِعتُ أَنسًا يَقولُ: «كانَ فزَعٌ بالمَدينةِ، فاستَعارَ النَّبيُّ فرسًا مِنْ أَبي طَلحةَ يُقالُ له المَنْدوبُ فركَبَ فلمَّا رجَعَ قالَ: ما رَأينا مِنْ شيءٍ وإنْ وجَدْناه لبَحرًا» (٢).

وعن عبدِ الواحدِ بنِ أَيمنَ قالَ حدَّثَني أَبي قالَ: «دخَلتُ على عائِشةَ وعليها دِرعُ قطْرٍ ثمَنُ خَمسةِ دَراهمَ فقالَت: ارفَعْ بصَرَك إلى جاريَتِي انظُرْ إليها، فإنَّها تزْهَى أنْ تَلبَسَه في البَيتِ، وقد كانَ لي منهن


(١) «أنيس الفقهاء» (٢٥١، ٢٥٢).
(٢) «أخرجه البخاري» (٢٤٨٤)، و «مسلم» (٢٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>