للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابنُ عبَّاسُ إنَّما كَرِه مُشارَكتَهم لِمُعامَلتِهم بالرِّبا، كذلك رَواه الأثرَمُ وغَيرُه عنه مِنْ طَريقِ أبي جَمرةَ عنه: لا يُشارِكَنَّ يَهوديًّا ولا نَصرانيًّا ولا مَجوسيًّا؛ لأنَّهم يُرْبونَ، والرِّبا لا يَحلُّ. وقد علَّلت طائِفةٌ كَراهةَ مُشارَكتِهم بأنَّ كَسبَهم غَيرُ طَيِّبٍ؛ فإنَّهم يَبيعونَ الخَمرَ والخِنزيرَ.

وهذه العِلَّةُ لا تُوجِبُ الكَراهةَ؛ فإنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ قال: «وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا أَثْمَانَهَا».

وما باعوه مِنَ الخَمرِ والخِنزيرِ قبلَ مُشاركةِ المُسلِمِ جازَ لهم شَركتُهم في ثَمنِه، وثَمنُه حَلالٌ؛ لاعتِقادِهم حِلَّه، وما باعوه واشتَرَوْه بمالِ الشَّركةِ فالعَقدُ فيه فاسِدٌ؛ فإنَّ الشَّريكَ وَكيلٌ، والعَقدَ يَقعُ لِلمُوكِّلِ، والمُسلِمُ لا يَثبُتُ مِلكُه على الخَمرِ والخِنزيرِ (١).

ثالِثًا: شُروطُ المَعقودِ عليه: وهو المالُ:

يُشترطُ في المالِ المَعقودِ عليه ما يلي:

١ - أنْ يَكونَ مِنَ الأثمانِ -النَّقدَيْن الذَّهبِ والفِضَّةِ-:

اختلَف الفُقهاءُ في مالِ الشَّركةِ هل يُشترطُ أنْ يَكونَ مِنَ النَّقدَيْن أو يَصحُّ بالمِثليِّ والعُروضِ.

فذهَب الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ والشافِعيَّةُ في قَولٍ إلى أنَّه يُشترطُ في مالِ الشَّركةِ أنْ يَكونَ مِنَ الأثمانِ، وهي الدَّراهِمُ والدَّنانيرُ دونَ غَيرِهما؛ فلا تَصحُّ في العُروضِ.


(١) «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢٠٦، ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>