وقال المالِكيَّةُ: يَجوزُ لِأحدِ شَريكَيِ المُفاوَضةِ والعِنانِ أنْ يَبيعَ بالدَّينِ نَسيئةً، أي بثَمنٍ مَعلومٍ إلى أجَلٍ مَعلومٍ؛ فإنْ باع بالدَّينِ وأفلَسَ المُشتَري أو ماتَ مُعدِمًا ضاعَ الثَّمنُ عليهما معًا، لا على البائِعِ وَحدَه.
وأمَّا الشِّراءُ ففيه قَولانِ لِلمالِكيَّةِ:
أحَدُهما: لا يَشتَري بالدَّينِ في شَيءٍ غَيرِ مُعيَّنٍ، فلا يَجوزُ لِأحدِهما ولا لَهما؛ لِئلَّا يَأكُلَ شَريكُه رِبحَ ما لَم يُضمَنْ؛ لأنَّ ضَمانَ الدَّينِ مِنَ المُشتَري.
فإنِ اشتَرى بالدَّينِ بغَيرِ إذنِ شَريكِه خُيِّرَ شَريكُه بينَ القَبولِ والرَّدِّ فيَكونُ الثَّمنُ على المُشتَري خاصَّةً؛ فإنْ أذِنَ له في شِراءِ سِلعةٍ مُعيَّنةٍ بالدَّينِ جازَ، وإذا لَم تَكُنْ مُعيَّنةً -بأنْ قال له: كلُّ سِلعةٍ وَجَدتَها وأعجبَتْك فاشتَرِها بالدَّينِ- لا يَجوزُ.
والآخَرُ وهو المَذهبُ: أنَّه يَجوزُ شِراءُ أحَدِ الشَّريكَيْن بالدَّينِ، إذْ لا بُدَّ لِلناسِ مِنْ ذلك، وحينَئذٍ لا فَرقَ بينَ البَيعِ بالدَّينِ والشِّراءِ (١).
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٩، ١٠)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٤٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٤٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٤٧)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٢١).