ولنا: إنَّ فيها جَمالًا ونَفعًا، فإنها تَقِي العَينينِ وتَردُّ عنهُما وتُحسِّنُ العينَ وتُجمِّلُها، فوجَبَتْ فيها الدِّيةُ كالأجفانِ، وإنْ قطَعَ الأجفانَ بأهدابِها لم يَجبْ أكثرُ مِنْ دِيةٍ؛ لأنَّ الشَّعرَ يزولُ تبعًا لزوالِ الأجفانِ، فلَم تُفرَدْ بضمانٍ، كالأصابعِ إذا قطَعَ اليدَ وهي عليهِا (١).
دِيَةُ الأذُنَينِ:
أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ في الأذُنينِ إذا ذهَبَ سَمعُهما الدِّيةَ، وفي إحداهُما نصفُ الدِّيةِ، وكذا إذا ذهَبَ السَّمعُ وحْدَه الدِّيةُ.
إلا أنهُم اختَلفُوا فيما لو قُطِعَتِ الأذنانِ ولم يَذهبْ سَمعُهما.
فذهَبَ عامَّةُ العُلماءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ ومالكٌ في رِوايةٍ إلى أنَّ فيها الدِّيةَ وإنْ بَقيَ السَّمعُ؛ لرِوايةِ عَمرِو بنِ حَزمٍ أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ في كتابِه إلى أهلِ اليَمنِ:«وفي الأذُنَينِ الدِّيةُ»، ولأنَّ ما كانَ في البَدنِ منه عُضوانِ كانَ فيهما الدِّيةُ كاليَدينِ، ولأنهما عُضوانِ يَجتمعُ فيهما مَنفعةٌ وجَمالٌ، فوجَبَ أنْ تَكملَ فيهما الدِّيةُ كاليَدينِ والرِّجلينِ.
فإنْ قيلَ: المَنفعةُ فيهما مَفقودةٌ، قيلَ: إنَّ مَنفعتَهُما مَوجودةٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى ما خلَقَ الأعضاءَ عَبثًا، ولا قدَّرَها إلا لحِكمةٍ ومَنفعةٍ، ومَنفعةُ الأُذنِ جَمعُ الصوتِ حتى يَلجَ إليها فيَصلَ إلى السمعِ، وهذا أكبَرُ المَنافعِ.
وفي إحداهُما نصفُ الدِّيةِ بغيرِ خِلافٍ بينَ القائِلينَ بوُجوبِ الدِّيةِ