اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ النكاحَ لا يَثبتُ فيه خِيارُ الشَّرطِ، فلو قالَ:«زوَّجتُكَ ابنَتِي على أنِّي بالخِيارَ ثلاثةَ أيَّامٍ» أو قالَ الزَّوجُ: «قَبلْتُ نِكاحَها على أنِّي بالخِيارِ ثَلاثَة أيَّامٍ» مَثلًا لم يَصحَّ شَرطُ الخِيارِ هذا بالاتِّفاقِ.
إلَّا أنَّ العُلماءَ اختَلفُوا، هل يَبطلُ به عَقدُ النكاحِ أيضًا؟ أم يَصحُّ العَقدُ ويَبطلُ الشَّرطُ؟
فذهَبَ الشَّافعيةُ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنَّ النكاحَ باطِلٌ والشَّرطَ باطِلٌ؛ لأنَّ اشتِراطَ الخِيارِ في معنَى التَّوقيتِ؛ أَلَا تَرى أنَّ ما يَثبتُ فيهِ الخِيارُ -وهو البَيعُ- يَتأخَّرُ حُكمُ العَقدِ -وهو المِلكُ- إلى ما بعدَ مُضيِّ المدَّةِ ويَصيرُ العَقدُ في حَقِّ مِلكِه كالمُضافِ، فكَذلكَ هُنا باشتِراطِ الخِيارِ يَصيرُ النكاحُ مُضافًا، وإضافةُ النِّكاحِ إلى وَقتٍ في المُستقبَلِ لا يَجوزُ، والتَّوقيتُ في النكاحِ يَمنعُ صِحةَ النكاحِ، كما لو تزوَّجَها شَهرًا (١).
قالَ الإمامُ الشَّافعيُّ ﵀: وإذا نكَحَ الرَّجلُ المَرأةَ على أنه بالخِيارِ في نِكاحِها يَومًا أو أقَلَّ أو أكثَرَ أو على أنه بالخِيارِ ولم يَذكرْ مُدَّةً يَنتهِي إليها إنْ شاءَ أجازَ النِّكاحَ وإنْ شاءَ رَدَّه، أو قالَ:«على أنِّي بالخِيارِ» يعنِي مَنْ كانَ له
(١) «البيان» (٥/ ٢٨)، و (٩/ ٢٣٧، ٣٩٠)، و «النجم الوهاج» (٤/ ١١١)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٤٨٦، ٤٨٧)، و «المغني» (٧/ ٧٣)، و «الإنصاف» (٤/ ٣٦٧، ٣٦٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٢)، و «الإفصاح» (١/ ٣٥٠).