للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَكروهِ لا يَصحُّ كما مرَّ فلا يَأتي إلا أنْ يُؤوَّلَ بأنَّه كانَ نذَرَ صَومَ يَومينِ مُتواليَينِ وصامَ أَحدَهما ونسِيَ الآخرَ فإنَّه حينَئذٍ لا كراهةَ، ويَصدقُ عليه أنَّه نذَرَ صَومَ يَومٍ مِنْ أُسبوعٍ ونسِيَه، وهذا تَأويلٌ ربما يَتعينُ ولا يَتوقفُ فيه إلا قَليلُ الفَهمِ أو مُعاندٌ» (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في قَولٍ -كما تقدَّمَ- والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى انعقادِ نَذرِ المَكروهِ فيَصحُّ عندَهم معَ الكَراهةِ.

قالَ الحَنابِلةُ: إنْ نذَرَ مَكْروهًا مِنْ طَلاقٍ أو غيرِه أو أَكلَ ثُومٍ أو بَصلٍ أو تَركَ سُنةً فيُستحبُّ له أنْ يُكفِّرَ كَفارةَ يَمينٍ، ليَخرجَ مِنْ عُهدةِ النَّذرِ ولا يَفْعلَه؛ لأنَّ تَركَ المَكروهِ أَولى مِنْ فِعلِه، وإنْ فعَلَه فلا كَفارةَ؛ لأنَّه وَفَّى بنَذرِه (٢).

القِسمُ السابعُ: نَذرُ الواجبِ العَينيِّ:

نصَّ عامةُ الفُقهاءِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ على أنَّ نَذرَ الواجبِ العَينيِّ كنَذرِ الصَّلاةِ المَكتوبةِ وصَومِ رَمضانَ وحجِّ الفَريضةِ لا يَنعقدُ؛ لأنَّ هذه الواجباتِ واجبةٌ بإيجابِ الشَّرعِ فلا مَعنى لالتِزامِها؛ لأنَّ النَّذرَ التِزامٌ ولا يَصحُّ التِزامُ ما هو لازمٌ له، ولا كَفارةَ فيه عندَ الجُمهورِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ في الصَّحيحِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ (٣).


(١) «مغني المحتاج» (٦/ ٢٦٤)، وينظر: «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٤/ ٢٧١، ٢٧٢).
(٢) «كشاف القناع» (٦/ ٣٤٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٤٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٦١٥)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٤١).
(٣) «بدائع الصنائع» (٥/ ٩٠)، و «البحر الرائق» (٤/ ٣٣١)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٧٣٢)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٣٥)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٩٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٥٧) «روضة الطالبين» (٢/ ٧٥١) «المغني» (١٠/ ٧٠)، و «الكافي» (٤/ ٤٢١)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٥٤)، و «المبدع» (٩/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>