وإنما تَجبُ عليها العدَّةُ لإظهارِ الحُزنِ بفَوتِ نِعمةِ النكاحِ؛ إذ النكاحُ كانَ نِعمةٌ عَظيمةٌ في حقِّها؛ فإنَّ الزوجَ كانَ سبَبَ صِيانتِها وعَفافِها وإيفائِها بالنَّفقةِ والكِسوةِ والمَسكنِ، فوجَبَتْ عليها العدَّةُ إظهارًا للحُزنِ بفَوتِ النعمةِ وتَعريفًا لقَدرِها.
وشَرطُ وُجوبِها النكاحُ الصَّحيحُ فقطْ، فتَجبُ هذهِ العدَّةُ على المُتوفَّى عنها زَوجُها، سواءٌ كانَتْ مَدخولًا بها أو غيرَ مَدخولٍ بها، وسَواءٌ كانَتْ ممَّن تَحيضُ أو ممَّن لا تَحيضُ؛ لعُمومِ قَولِه ﷿: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤]، ولِما ذكَرْنا أنها تَجبُ إظهارًا للحُزنِ بفَوتِ نِعمةِ النِّكاحِ وقد وُجدَ، وإنَّما شرَطْنا النكاحَ الصَّحيحَ لأنَّ اللهَ تعالَى أوجَبَها على الأزواجِ، ولا يَصيرُ زَوجًا حَقيقةً إلا بالنكاحِ الصحيحِ، وسَواءٌ كانَتْ مُسلمةً أو كِتابيةً تحتَ مُسلمٍ؛ لعُمومِ النصِّ، ولوُجودِ المعنَى الذي وجَبَتْ له (١).
عِدَّةُ المستَحاضةِ:
قالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ ﵀: اختَلفَ أهلُ العِلمِ في عدَّةِ المُستحاضةِ، فقالَتْ طائفةٌ: تَعتدُّ بالأقراءِ، كذلك قالَ الحَسنُ البَصريُّ والزُّهريُّ والنخَعيُّ والثوريُّ.
وقالَ عِكرمةُ وقَتادُة: عدَّتُها ثَلاثةُ أشهُرٍ، وبه قالَ الشافعيُّ.
(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٩٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute