قالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ ﵀: قالَ ابنُ حَبيبٍ: إنَّ الزَّوجَ إذا كانَ مُعسِرًا وإنْ كانَتْ الزَّوجةُ ذاتَ قَدرٍ وشرَفٍ فإنَّ عليها الخِدمةُ الباطِنةُ كالعَجنِ والطَّبخِ والكَنسِ وما شاكَلَهُ، وهكذا أوضَحَ لي ابنُ الماجشونِ وأصبَغُ.
قالَ ابنُ حَبيبٍ: وكذلكَ حكَمَ النَّبيِّ ﵇ على فاطِمةَ بالخِدمةِ الباطِنةِ مِنْ خدمةِ البَيتِ، وحكَمَ على عليٍّ بالخِدمةِ الظَّاهرةِ، وقالَ بعضُ شُيوخي: لا نَعرفُ في شيءٍ من الأخبارِ الثَّابتةِ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قضَى على فاطِمةَ بالخِدمةِ الباطِنةِ، وإنَّما كانَ نِكاحُهم على المُتعارَفِ بينَهم مِنْ الإجمالِ وحُسنِ العِشرةِ، وأمَّا أنْ تُجبَرَ المرأةُ على شيءٍ مِنْ الخِدمةِ فليسَ لها أصلٌ في السنَّةِ، بلِ الإجماعُ مُنعقِدٌ على أنَّ على الزَّوجِ مَؤونةُ الزَّوجةِ كلُّها.
وقالَ الطَّحاويُّ (١): لم يَختلِفوا أنَّ المرأةَ ليسَ عليها أنْ تَخدمَ نفْسَها، وأنَّ على الزَّوجِ أنْ يَكفيَها ذلكَ، وأنَّهُ لو كانَ معَها خادمٌ لم يكُنْ للزَّوجِ إخراجُ الخادمِ مِنْ بَيتهِ، فوجَبَ أنْ تَلزمَه نَفقةُ الخادمِ على حسبِ حاجتِها إليهِ.
وذكَرَ ابنُ الحكَمِ عن مالِكٍ أنهُ ليسَ على المرأةِ خِدمةُ زوجِها.
وقالَ الطَّبريُّ: في حَديثِ فاطمةَ الإبانةُ عن أنَّ كلَّ مَنْ كانَتْ به طاقةٌ مِنْ النِّساءِ على خِدمةِ نَفسِها في خَبْزٍ أو طَحينٍ وغَيرِ ذلكَ ممَّا تُعانيهِ المرأةُ في بيتِها أو لا يحتاجُ فيه إلى الخُروجِ أنَّ ذلكَ مَوضوعٌ عن زَوجِها إذا كانَ مَعروفًا لها أنَّ مثلَها تَلِي ذلكَ بنَفسِها، وأنَّ زوْجَها غيرُ مأخوذٍ بأنْ يكفِيَها