وقالَ المالِكيَّةُ: يجبُ على الزَّوجِ إخدامُ أهلِهِ إذا كانَ مُتَّسِعَ الحالِ، فيأتي لزَوْجتِه مَنْ يَخدمُها إنْ كانَتْ أهلًا لذلكَ؛ بأنْ تَكونَ مِنْ ذواتِ القَدْرِ اللَّاتي خِدمتُهنَّ في البَيتِ الأمرُ والنَّهيُ، أو يَكونُ هو ذا قدْرِ تُزْرِي خِدمةُ زوْجتِهِ بهِ، فإنها أهلٌ للإخدامِ بهذا المَعنى، ومثلُ الأهلِ ما إذا لم يَكنْ واحدٌ مِنهُما أهلًا إلَّا أنَّ في صَداقِها ثمَنُ خادمٍ، فإنها إذا طلَبَتْ ذلكَ تُجابُ لهُ، وسواءٌ كانَ الخادِمُ أنثى أو ذكرًا لا يَقدرُ على استِمتاعٍ.
وإذا اشتُرطَ الإخدامُ في صُلبِ العَقدِ لم يَضُرَّ إنْ كانَتْ أهلًا وإنْ كانَ أهلَهُ وإلَّا فُسِخَ قبْلَ البِناءِ، ويَصحُّ بعدَهُ ويُلغَى الشَّرطُ.
وإلَّا تَكُنْ أهلًا لِلإخدامِ بأنْ لم تَكُنْ مِنْ أشرافِ النَّاسِ بل مِنْ لَفيفِهم، أو كانَتْ أهلًا لِلإخدامِ بأن كانت غَنيَّةً وذاتَ قدْرٍ وكانَ هوَ فَقيرًا فعلَيها الخِدمةُ الباطِنةُ؛ لأنَّ الفَرضَ أنهُ فَقيرٌ، مِنْ عَجْنٍ وكَنْسٍ وفَرْشٍ وطَبْخٍ لهُ في جَميعِ ذلكَ لا لضُيوفِه فيما يَظهرُ، واستِقاءٍ بالدَّارِ أو خارِجَها ولو مِنْ بحرٍ في نساءٍ عادتُهنَّ ذلكَ وغَسلِ ثيابِهِ.
بخِلافِ الخِدمةِ الظَّاهِرةِ مثلَ النَّسجِ والغَزْلِ لهُ والخِياطةِ والتَّطريزِ لهُ ونَحوِها ممَّا هو مِنْ التَّكسُّبِ فلا يَلزمُها عَملُه لهُ ولو مِنْ قَومٍ عادتُهم ذلكَ؛ لأنَّه مِنْ التَّكسُّبِ للنَّفقةِ وهي واجِبةٌ عليهِ لها لا عليها لهُ (١).
(١) «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٥٩٧)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٣٢، ٢٣٣)، و «شرح الزرقاني على مختصر خليل» (٤/ ٤٤١، ٤٤٢)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٨٦، ١٨٧)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٠٢٦).