للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخدمُ نِساؤُهم فيَجبُ عليها الخِدمةُ، كما هوَ مَذهبُ المالِكيةِ، وبَعضُهم قالَ: لا يَجبُ عليها الخِدمةُ مُطلقًا كالشَّافعيةِ والحَنابلةِ وبَعضِ المالِكيةِ.

وهذا بَيانُ مَذاهبِهم بالتَّفصيلِ.

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه يَجبُ على المرأةِ خِدمةُ زَوجِها دِيانةً لا قَضاءً، فلو جاءَ الزَّوجُ بطَعامٍ يَحتاجُ إلى الطَّبخِ والخَبْزِ فأبَتِ المرأةُ الطَّبخَ والخَبْزَ -يعني بأنْ تَطبخَ وتَخبِزَ- لا تُجبَرُ على ذلكَ قَضاءً وإنْ كانَ يَلزمُها دِيانةً، ويُؤمَرُ الزَّوجُ أنْ يأتي لها بطَعامٍ مُهيَّأٍ أو يأتيَها بمَن يَكفيها عمَلَ ذلكَ، ولو استأجَرَها للطَّبخِ والخَبْزِ لم يَجُزْ، ولا يَجوزُ لها أخذُ الأجرَةِ على ذلكَ؛ لأنها لو أخَذَتِ الأجرَةَ لأخَذَتْها على عمَلٍ واجِبٍ عليهَا في الفَتوى، فكانَ في معنى الرَّشوةِ، فلا يَحلُّ لها الأخذُ.

وذكَرَ الفَقيهُ أبو اللَّيثِ أنَّ هذا إذا كانَ بها عِلَّةٌ لا تَقدرُ على الطَّبخِ والخَبْزِ، أو كانَتْ مِنْ بناتِ الأشرافِ، فأمَّا إذا كانَتْ تقدِرُ على ذلكَ وهيَ ممَّن تَخدِمُ بنَفسِها تُجبَرُ على ذلكَ ولا يجبُ عليهِ أنْ يأتيَها بمَن يَفعلُه.

وهذا شامِلٌ لبنَاتٍ الأشرافِ أيضًا، وأمَّا وُجوبُه دِيانةً فلِأنَّهُ قسَمَ الأعمالَ بينَ عَليٍّ وفاطِمةَ، فجعَلَ أعمالَ الخارجِ على عليٍّ، وأعمالَ الدَّاخلِ على فاطمةَ، مع أنها سيِّدةُ نساءِ العالَمينَ رضيَ اللهُ تعالَى عَنها، وأبوها أَفضلُ الخلقِ أجمَعينَ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٢٤)، و «البحر الرائق» (٤/ ١٩٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٦٢)، و «درر الحكام» (١/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>