للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُريدُ طلاقَها على أنْ تُقيمَ عندَه بلا قَسْمٍ وهي راضيةٌ بذلكَ جازَ، كمَا قالَ تعالَى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: ١٢٨]، وفي الصَّحيحِ عن عائِشةَ قالَتْ: «أُنزِلَتْ هذهِ الآيةُ في المَرأةِ تكونُ عِنْدَ الرَّجلِ فتَطولُ صُحبَتُها فيُريدُ طَلاقَها فتَقولُ: «لا تُطَلِّقْنِي وامسِكنِي وأنتَ في حِلٍّ مِنْ يَومِي»، فنزَلَتْ هذهِ الآيةُ»، وقد كانَ النَّبيُّ أرادَ أنْ يُطلِّقَ سَودَةَ فوهَبَتْ يومَها لعائِشةَ فأمسَكَها بلا قِسْمةٍ، وكذلكَ رافعُ بنُ خَديجٍ جرَى لهُ نحوُ ذلكَ، ويُقالُ إنَّ الآيةَ أُنزِلَتْ فيهِ (١).

وقالَ: ويَجبُ على الزَّوجِ التَّسويةُ بينَ الزَّوجاتِ في النَّفقةِ، وكلامُ القاضي في التَّعليقِ يَدلُ عليهِ، وكذا الكُسوةِ (٢).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحنفيَّةُ في المُفتَى بهِ والمالِكيةُ في المَشهورِ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنهُ لا يَجبُ على الزَّوجِ أنْ يُسوِّي بينَ نِسائِه في النَّفقةِ والكسوَةِ إذا قامَ بالواجِبِ لِكلِّ واحِدةٍ مِنهنَّ، فيَجوزُ لهُ أنْ يُؤثِرَ بعضَ نِسائِه بالتَّبرعِ دونَ بَعضٍ، وإنْ كانَ الأفضلُ التَّسوية بينَهنَّ.

قالَ الإمامُ ابنُ نُجيمٍ : وفي «البَدائع»: يجبُ عليهِ التَّسويةُ بينَ الحُرَّتَينِ أو الأَمَتَينِ في المَأكولُ والمَشروبِ والمَلبوسِ والسُّكنَى والبَيتوتةِ. اه، وهكذا ذكَرَ الوَلوالِجِيُّ.


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٢٦٩).
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>