للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقُّ أنَّه على قَولِ مَنْ اعتَبَرَ حالَ الرَّجلِ وحْدَه في النَّفقةِ فالتَّسويةُ فيهَا واجِبةٌ أيضًا، وأمَّا على قَولِ المُفتَى بهِ مِنْ اعتِبارِ حالِهِما فلا؛ لأنَّ إحداهُما قد تَكونُ غَنيَّةً والأُخرى فَقيرةً، فلا يَلزمُه التَّسويةُ بَينَهُما مُطلَقًا في النَّفقةِ.

وفي «الغاية»: اتَّفقُوا على التَّسويةِ في النَّفقةِ، قالَ الشَّارحُ: وفيهِ نظرٌ؛ فإنهُ في النَّفقةِ يُعتبَرُ حالُهُما على المُختارِ، فكيفَ يَدَّعِي الاتَّفاقَ فيها علَى التَّسويَةِ؟! ولا يَتأتَّى ذلكَ إلا على قَولِ مَنْ يَعتبِرُ حالَ الرَّجلِ وحْدَه. اه (١).

وقالَ المالكيَّةُ: لا يَجبُ على الزَّوجِ العَدلُ في النَّفقةِ، ولا في الكِسوةِ، وإنَّما لكلُّ واحِدةٍ ما يَليقُ بها على قَدرِ حالِها، ولهُ أنْ يُوسِّعَ على مَنْ شاءَ مِنهنَّ زيادةً على ما يَليقُ بمِثلِها، قالَ ابنُ عَرفةَ: ابنُ رشدٍ: مَذهبٍ مالكٍ وأصحابِه أنَّه إنْ قامَ لكلٍّ بما يَجبُ لها بقَدرِ حالِها فلا حرَجَ عليهِ أنْ يُوسِّعَ على مَنْ شاءَ مِنهنَّ بما شاءَ.

قالَ الحطَّابُ : وقالَ ابنُ نافِعٍ: يَجبُ أنْ يَعدلَ بَينَهنَّ في مالِهِ بعدَ إقامتِهِ لكلِّ واحِدةٍ ما يَجبُ لها، والأولَ أظهَرُ.

قُلتُ: قولُ ابنِ نافِعٍ يَجبُ حكاهُ المُتَيطِيُّ روايةً. اه.

ونُقلَ في «التَّوضِيح» عن اللَّخميِّ بعضُ شيءٍ مِنْ هذا، واللهُ أعلَمُ (٢).


(١) «البحر الرائق» (٣/ ٢٣٤، ٢٣٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٢٠٢).
(٢) «مواهب الجليل» (٥/ ٢١٨، ٢١٩)، و «تفسير القرطبي» (١٤/ ٢١٧)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٣/ ٢٠٤)، و «حاشية الصاوي» (٥/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>