وعنه:«أنَّ رَجلًا قالَ: يا رَسولَ اللهِ إنَّ لي جارِيةً وأنا أَعزِلُ عنها وأنا أكرَهُ أنْ تَحمِلَ، وأنا أُريدُ ما يُريدُ الرِّجالُ، وإنَّ اليَهودَ تُحدِّثُ أنَّ العزلَ المَوءودةُ الصُّغرَى، قالَ: كَذبَتْ يَهودُ، لو أرادَ اللهُ أنْ يَخلُقَه ما استَطعْتَ أنْ تَصرِفَه» رَواهُ أبو داودَ.
فصلٌ: ويَجوزُ العَزلُ عنْ أمَتِه بغَيرِ إذنها، نَصَّ عليهِ أحمَدُ، وهو قولُ مالكٍ وأبي حَنيفةَ والشَّافعيِّ؛ وذلكَ لأنهُ لا حَقَّ لها في الوطءِ ولا في الولَدِ، ولذلكَ لم تَملكِ المُطالَبةَ بالقَسْمِ ولا الفَيئةِ، فلَأنْ لا تَملكَ المَنعَ مِنَ العزلِ أَولى.
ولا يَعزلُ عنْ زَوجتِه الحُرَّةِ إلَّا بإذنها، قالَ القاضي: ظاهرُ كَلامِ أحمَدَ وُجوبُ استِئذانِ الزَّوجةِ في العَزلِ، ويَحتمِلُ أنْ يَكونَ مُستحَبًّا؛ لأنَّ حقَّها في الوَطءِ دُونَ الإنزالِ، بدَليلِ أنهُ يَخرجُ به مِنْ الفَيئةِ والعُنَّةِ.
وللشَّافعيةِ في ذلك وَجهانِ، والأولُ أَولى؛ لِمَا رُويَ عنْ عُمرَ ﵁ قالَ:«نهَى رَسولُ اللهِ ﷺ أنْ يُعزَلَ عنِ الحُرَّة إلَّا بإذنِها» رَواهُ الإمامُ أحمَدُ في المُسنَدِ وابنُ ماجةَ.
ولأنَّ لها في الوَلدِ حقًّا، وعليها في العَزلِ ضَررٌ، فلمْ يَجُزْ إلَّا بإذنِها.