للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ عَبدِ البَرِّ : لا خِلافَ بَينَ العُلماءِ في أنَّ الحُرَّةَ لا يُعزَلُ عنها إلَّا بإذنها؛ لأنَّ الجِماعَ مِنْ حقِّها، ولها المُطالَبةُ بهِ، وليسَ الجِماعُ المَعروفُ التَّامُّ إلَّا أنْ لا يَلحقَه العَزلُ (١).

وقالَ ابنُ القَطَّانِ الفاسي : ولا أعلَمُ خِلافًا أنَّ المَرءَ لا يَعزِلُ عن زَوجتِه إلَّا بإذنها (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : العَزلُ مَكروهٌ، ومَعناهُ أنْ يَنزِعَ إذا قَرُبَ الإنزالُ فيُنزِلُ خارِجًا مِنْ الفَرْجِ، رُوِيَتْ كَراهتُه عن عُمرَ وعَليٍّ وابنِ عُمرَ وابنِ مَسعودٍ، ورُويَ ذلكَ عن أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ أيضًا؛ لأنَّ فيهِ تَقليلَ النَّسْلِ وقطْعَ الَّلذةِ عنِ المَوطوءةِ، وقدْ حَثَّ النَّبيُّ على تَعاطِي أسبابِ الولَدِ فقالَ: «تَناكَحُوا تَناسَلُوا تَكثُرُوا»، وقالَ: «سَوداءُ وَلودٌ خَيرٌ مِنْ حَسناءَ عَقيمٍ»، إلَّا أنْ يكونَ لحاجةٍ مثلَ أنْ يكونَ في دارِ الحَربِ فتَدعوهُ حاجتُهِ إلى الوطءِ فيَطأُ ويَعزِلُ، ذكَرَ الخِرَقيُّ هذه الصُّورةَ، أو تَكونُ زَوجتُه أمَةً فيَخشَى الرِّقَّ على ولَدِه.

أو تكونَ له أمَةٌ فيَحتاجُ إلى وَطئِها وإلى بَيعِها، وقَد رُويَ عن عَليٍّ أنه كانَ يَعزِلُ عن إمائِه، فإنْ عزَلَ مِنْ غَيرِ حاجَةٍ كُرِهَ ولَم يَحرُمْ.

ورُويَتِ الرُّخصةُ فيهِ عَنْ عليٍّ وسَعدِ بنِ أبي وَقاصٍ وأبي أيُّوبَ وزَيدِ بنِ ثابتٍ وجابرٍ وابنِ عبَّاسٍ والحَسنِ بنِ عَليٍّ وخَبَّابِ بنِ الأَرتِّ وسَعيدِ بنِ


(١) «التمهيد» (٣/ ١٤٨).
(٢) «الإقناع» (٣/ ١٢٣٨)، رقم (٢٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>