للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا زوْجتُه الأمَةُ فيَحتملُ جَوازَ العَزلِ عنها بغيرِ إذنها، وهو قولُ الشَّافعيِّ؛ استِدلالًا بمَفهومِ هذا الحَديثِ، وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: «تُستَأذنُ الحُرَّةُ ولا تُستَأذنُ الأمَةُ»، ولأنَّ عليه ضَررًا في استِرقاقِ وَلدِه، بخِلافِ الحُرَّةِ، ويَحتملُ أنْ لا يَجوزَ إلَّا بإذنها؛ لأنها زَوجةٌ تَملكُ المُطالَبةَ بالوَطءِ في الفَيئةِ والفَسخَ عندَ تَعذُّرِه بالعُنَّةِ، وتَركُ العَزلِ مِنْ تَمامِه، فلمْ يَجُزْ بغيرِ إذنها كالحُرَّةِ (١).

وقالَ أبو الوَليدِ ابنُ رُشدٍ القُرطُبيُّ : الَّذي عليهِ جُمهورُ العُلماءِ بالأمصارِ مالكٌ وأصحابُه والشَّافعيُّ وأبو حَنيفةَ إباحةُ العَزلِ على حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ قالَ: خَرَجْنا معَ رَسولِ اللهِ في غَزوةِ بَنِي المُصطلِقِ، فأصَبْنا سَبْيًا مِنْ سَبيِ العَربِ فاشتَهَيْنا النِّساءَ، واشتَدَّتْ علينا العُزبَةُ وأحبَبْنا الفِداءَ، وأرَدْنا أنْ نَعزلَ فقُلنا: نَعزلُ ورَسولُ اللهِ بَينَ أظهُرِنا قبْلَ أنْ نَسألَه، فسَألْناه عَنْ ذلك فقالَ: «ما عليكُم ألَّا تَفعلُوا، ما مِنْ نَسمةٍ كائِنةٍ إلى يَومِ القِيامةِ إلَّا وهي كائِنةٌ»، فالرَّجلُ يَعزلُ عن أمَتِه بغيرِ إذنها، ولا يَعزلُ عَنْ زوْجتِه الحُرَّةِ إلَّا بإذنها، ولا يَعزلُ عَنْ زوْجتِه الأمَةِ إلَّا بإذنِ مَوالِيها، وقد قيلَ: إنهُ لا يَعزلُ عنها إلَّا بإذنها، وقالَ الشَّافعيُّ: لهُ أنْ يَعزلَ عَنْ زوْجتِه الأمَةِ بغيرِ إذنها وبغيرِ إذنِ مَواليها (٢) (٣).


(١) «المغني» (٧/ ٢٢٦، ٢٢٧)، ويُنظَر: «الهداية» (٤/ ٨٧).
(٢) «البيان والتحصيل» (١٨/ ١٥١، ١٥٢).
(٣) وقالَ الإمامُ ابنُ القَيِّمِ مُبيِّنًا حُكمَ العزلِ و «اختلاف العلماء» فيه وما احتَجَّ به كلُّ فريقٍ مِنْ العلماءِ، فقالَ : فصلٌ في حُكمِه في العزلِ:
ثبَتَ في الصَّحيحينِ عن أبي سَعيدٍ قالَ: أصَبْنا سَبْيًا فكُنَّا نَعزلُ، فسَألْنا رَسولَ اللهِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>