للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقَدرِ كِفايتِها ما لم يُنهِكْ بَدنَه أو تَشغَلْه عن مَعيشتِه غيْرَ مُقدَّرٍ بأربعةِ أشهُرٍ كالأمَةِ، فإنْ تَنازَعَا فيَنبغي أنْ يَفرضَه الحاكِمُ كالنَّفقةِ وكوَطئِه إذا زادَ …

وحُصولُ الضَّررِ للزَّوجةِ بتَركِ الوَطءِ مُقتَضٍ للفَسخِ بكلِّ حالٍ، سَواءٌ كانَ بقَصدٍ مِنَ الزَّوجِ أو بغَيرِ قَصدٍ ولو معَ قُدرتِه وعَجزِه كالنَّفقةِ، وأَولَى للفَسخِ بتَعذُّرِه في الإيلاءِ إجماعًا (١).

وقالَ أيضًا: مِنْ الفُقهاءِ مَنْ لا يُوجِبُ عليهِ الوَطءَ وقَسْمَ الابتِداءِ، بل يَكتفِي بالباعِثِ الطَّبيعيِّ كمَذهبِ أبي حَنيفةَ والشَّافعيِّ وروايةِ أحمَدَ، فإنَّ الصَّحيحَ مِنْ وُجوهٍ كَثيرةٍ أنه يَجبُ عليه الوَطءُ كما دلَّ عليه الكِتابُ والسُّنةُ وآثارُ الصَّحابةِ والاعتِبارُ، وهل يَتقدَّرُ الوَطءُ الواجبُ بمرَّةٍ في كلِّ أربعةِ أشهرٍ اعتِبارًا بالإيلاءِ؟ أو يَجبُ أنْ يَطأَها بالمَعروفِ كما يُنْفِقُ عليها بالمَعروفِ؟ فيهِ خِلافٌ في مَذهبِ أحمَدَ وغَيرِه.

والصَّحيحُ الَّذي يَدلُّ عليه أكثرُ نُصوصِ أحمَدَ وعليهِ أكثَرُ السَّلفِ أنَّ ما يُوجِبُه العَقدُ لكُلِّ واحدٍ مِنَ الزَّوجَينِ على الآخَرِ كالنَّفقةِ والاستِمتاعِ والمَبيتِ للمرأةِ وكالاستِمتاعِ للزَّوجِ ليسَ بمُقدَّرٍ، بل المَرجِعُ في ذلكَ إلى العُرفِ، كما دلَّ عليهِ الكِتابُ في مِثلِ قَولِه تعالَى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، والسُّنةُ في مِثلِ قَولِه لهِندَ: «خُذِي ما يَكفيكِ ووَلدَكِ بالمَعروفِ»، وإذا تَنازَعَ الزَّوجانِ فيهِ فرَضَ الحاكِمُ ذلكَ


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>