للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باجتِهادِه كما فَرضَتِ الصَّحابةُ مِقدارَ الوَطءِ للزَّوجِ بمرَّاتٍ مَعدودةٍ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ القَيِّمِ : اختَلفَ الفُقهاءُ هل يَجبُ على الزَّوجِ مُجامَعةُ امرأتِه؟

فقالَتْ طائِفةٌ: لا يَجبُ عليه ذلك، فإنهُ حقٌّ له، فإنْ شاءَ استَوفاهُ وإنْ شاءَ ترَكَه، بمَنزلةِ مَنِ استأجَرَ دارًا إنْ شاءَ سَكَنَها وإنْ شاءَ ترَكَها.

وهذا مِنْ أضعَفِ الأقوالِ، والقُرآنُ والسُّنةُ والعُرفُ والقِياسُ يَردُّه، أمَّا القُرآنُ: فإنَّ اللهَ قالَ: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، فأخبَرَ أنَّ للمرأةِ مِنْ الحَقِّ مَثلُ الَّذي عليها، فإذا كانَ الجِماعُ حقًّا للزَّوجِ عليها فهو حقُّ على الزَّوجِ بنَصِّ القُرآنِ.

وأيضًا فإنَّهُ أمَرَ الأزواجَ أنْ يُعاشِرُوا الزَّوجاتِ بالمَعروفِ، ومِن ضِدِّ المَعروفِ أنْ يَكونَ عِندَه شابَّةٌ شَهوتُها تَعدِلُ شَهوةَ الرَّجلِ أو تَزيدُ عليها بأضعافٍ مُضاعَفةٍ ولا يُذيقُها لذَّةَ الوَطءِ مرَّةً واحِدةً، ومَن زعَمَ أنَّ هذا مِنْ المَعروفِ كَفاهُ طَبْعُه رَدًّا عليهِ، واللهُ إنَّما أباحَ للأزواجِ إمساكَ نِسائِهم على هذا الوَجهِ لا على غَيرِه، فقالَ تعالَى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩].

وقالَتْ طائِفةٌ: يَجبُ عليهِ وَطؤُها في العُمرِ مرَّةً واحِدةً؛ ليَستقِرَّ لها بذلكَ الصَّداقُ، وهذا مِنْ جِنسِ القَولِ الأولِ، وهذا باطِلٌ مِنْ وَجهٍ آخَرَ،


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ١٧٣، ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>