للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنها إذا كانَتْ تُداسُ وتُبتذلُ لم تَكنْ مُعزَّزةً ولا مُعظَّمةً فلا تُشبهُ الأصنامَ التي تُعبَدُ وتتَّخذُ آلهةً فلا تُكرَمُ، وما رَويناهُ أخَصُّ ممَّا رَوَوه، وقد رُويَ عن أبي طَلحةَ أنه قيلَ له: «ألم يَقُلِ النبيُّ : لا تَدخلُ المَلائكةُ بيتًا فيهِ صُورةٌ ولا كَلبٌ؟ قالَ: ألَمْ تَسمعْه قالَ: إلَّا رَقْمًا في ثوبٍ؟» مُتفَقٌ عليه، وهو مَحمولٌ على ما ذكَرْناه مِنْ أنَّ المُباحَ ما كانَ مَبسوطًا، والمَكروهَ منه ما كانَ مُعلَّقًا؛ بدَليلِ حديثِ عائشةَ (١).

٩ - أنْ لا يكونَ مالُه مِنْ حَرامٍ:

نَصَّ الحَنابلةُ على أنَّ الدَّعوةَ تَجبُ إذا كانَ الداعِي كَسبُه طَيِّبٌ، فإنْ كانَ في مالِه حَرامٌ كُرهَ إجابتُه ومُعامَلتُه وقَبولُ هَديَّتِه وهِبتِه وصَدقتِه، وتَقوَى الكَراهةُ وتَضعفُ بحَسبِ كَثرةِ الحَرامِ وقِلتِه.

قالَ المِرداويُّ : في جَوازِ الأكلِ مِنْ مالِ مَنْ في مالِه حَرامٌ أقوالٌ:

أحَدُها: التَّحريمُ مُطلقًا، قالَ الأزَجيُّ في نهايتِه: هذا قياسُ المَذهبِ، كما قُلنا في اشتباهِ الأواني الطاهِرةِ بالنَّجسةِ، وهو ظاهرُ تَعليلِ القاضي، وقدَّمَه أبو الخطَّابِ في «الانتِصارِ»، قالَ ابنُ عَقيلٍ في «فُنونِه» في مَسألةِ اشتباهِ الأواني: وقد قالَ الإمامُ أحمدُ : لا يُعجِبُني أنْ يأكلَ منهُ، وسألهَ المِروزيُّ عن الذي يُعامِلُ بالرِّبا يأكلُ عندَه؟ قالَ: لا، قالَ في «الرِّعايَة الكُبَرى» في آدابِها: ولا يأكلُ مُختلِطًا بحَرامٍ بلا ضَرورةٍ.


(١) «المغني» (٧/ ٢١٣، ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>