لأنه طلَّقَ باختيارِه، ورواه ابنُ نافعٍ عن مالكٍ، وهو ظاهرُ المَذهبِ، وهذا في النكاحِ الصحيحِ إذا طلَّقَ قبلَ البناءِ.
وأما إنْ كانَ النكاحُ فاسدًا وفُسخَ قبلَ البناءِ فللزوجِ أخذُ ما وجَدَ مِنْ الهديةِ بيَدِ الزوجةِ ولو كانَ مُتغيِّرًا؛ لأنه مَغلوبٌ على الفراقِ، وهو قولُ ابنِ القاسمِ، فإنْ لم يَجدْ بيدِها شيئًا فلا شيءَ له.
وإنْ طلَّقَ أو فسَخَ بعدَ البناءِ فإنَّ الزوجَ لا يأخذُ شيئًا مِنْ الهبةِ وإنْ كانت قائمةً بيَدِ الزوجةِ؛ لأنَّ النكاحَ الذي أعطى لأجْلِه قد انتَفعَ بسببِه تلكَ المدةَ، والفسخُ كطَلاقٍ حادثٍ (١).
وقالَ الشافِعيةُ: لو اشتَرى الزوجُ حليًّا أو دِيباجًا ونحوَهما مِنْ كلِّ ما يُتخذُّ للزينةِ لزوجتِه وزيَّنَها بذلكَ لا يَصيرُ مِلكًا لها بنفسِ التَّزيينِ المذكورِ، بل إنما يَصيرُ بصدورِ الإيجابِ والقبولِ منهما أو بقَصدِ الهديةِ منه لها بذلكَ.
ولو اختلَفَتْ هيَ والزوجُ في الإهداءِ والعاريةِ فادَّعتْ هيَ أنه أهدَى لها الحُليَّ والديباجَ المذكورَينِ وادَّعى هو أنه لم يُهدِهما لها وإنما جعَلَهما عندها عاريةً صُدِّقَ الزوجً؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ التمليكِ، ومثلُ الزوجِ في ذلك وارثُه، يعني: لو اختلَفَتْ هي ووارِثُ الزوجِ في الإهداءِ والعاريةِ صُدِّقَ الوارثُ.
(١) «البيان والتحصيل» (٥/ ٦٧، ٦٩)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٦٠٢، ٦٠٤)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٨١، ٢٨٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٧١، ١٧٣)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٥٥).