للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهِ قولِهما أنَّ المَنافعَ ليسَتْ بأموالٍ مُتقوّمةٍ على أصلِ أصحابِنا، ولهذا لم تكنْ مَضمونةً بالغصبِ والإتلافِ، وإنما يَثبتُ لها حُكمُ التقوُّمِ في سائرِ العقودِ شرعًا ضرورةً دفعًا للحاجةِ بها، ولا يَمكنُ دفعُ الحاجةِ بها ههنا؛ لأنَّ الحاجةَ لا تندفعُ إلا بالتسليمِ وأنه ممنوعٌ عنه شرعًا؛ لأنَّ استخدامَ الحُرةِ زوْجَها الحُرَّ حرامٌ؛ لكونِه استهانةً وإذلالًا، وهذا لا يجوزُ، ولهذا لا يَجوزُ للابنِ أنْ يستأجِرَ أباه للخدمةِ، فلا تسلمُ خِدمتُه لها شرعًا، فلا يمكنُ دفعُ الحاجةِ بها، فلمْ يَثبتْ لها التقوُّمُ، فبقيَت على الأصلِ، فصارَ كما لَو سَمَّى ما لا قيمةَ له كالخمرِ والخَنزيرِ، وهناكَ لا تَصحُّ التسميةُ ويَجبُ مهرُ المثلِ، كذا ههنا.

حتَّى لو كانَ المسمَّى فعلًا لا استِهانةَ فيه ولا مذلَّةَ على الرَّجلِ كرعيِ دَوابِّها وزِراعةِ أرضِها والأعمالِ التي خارِجَ البيتِ تَصحُّ التسميةُ؛ لأنَّ ذلكَ منْ بابِ القيامِ بأمرِها لا مِنْ بابِ الخِدمةِ، بخلافِ العبدِ؛ لأنَّ استخدامَ زوْجتِه إياه ليسَ بحَرامٍ؛ لأنه عُرضةٌ للاستخدامِ والابتذالِ؛ لكونِه مَملوكًا مُلحَقًا بالبَهائمِ، ولأنَّ مَبنى النكاحِ على الاشتراكِ في القيامِ بمَصالحِ المعاشِ، فكانَ لها في خدمتِه حَقٌّ، فإذا جعَلَ خدمَتَه لها مهرَها فكأنه جعَلَ ما هو لها مهرَها فلم يَجُزْ، كالأبِ إذا استأجرَ ابنَه لخِدمتِه أنه لا يَجوزُ؛ لأنَّ خدمةَ الأبِ مُستحَقَّةٌ عليهِ، كذا هذا، بخلافِ العبدِ؛ لأنَّ خِدمتَه خالصُ مِلكِ المَولَى، فصحَّتِ التسميةِ.

ولو تزوَّجَها على منافعِ سائرِ الأعيانِ مِنْ سُكنى دارِه وخدمةِ عَبيدِه

<<  <  ج: ص:  >  >>