للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيُّ عن جُريجٍ في مَعرضِ المَدحِ وإظهارِ كَرامتِهِ، فكانَتْ تلكَ النِّسبةُ صَحيحةً بتَصديقِ اللهِ تعالى وبإخبارِ النبيِّ عن ذلكَ، فثَبتَتِ البُنوَّةُ وأحكامُها.

فإنْ قيلَ: فيَلزمُ على هذا أنْ تَجريَ أحكامُ البُنوَّة والأبوَّةِ مِنَ التوارثِ والوِلاياتِ وغيرِ ذلكَ، وقد اتَّفقَ المُسلمونَ على أنه لا تَوارثَ بينَهما، فلمْ تَصحَّ تلكَ النسبةُ؟

فالجَوابُ: إنَّ ذلكَ مُوجَبُ ما ذكَرْناهُ، وما انعَقدَ عليه الإجماعُ مِنْ الأحكامِ استَثنيناهُ، وبَقيَ الباقي على أصلِ ذلكَ الدَّليلِ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ : نَصَّ الشافِعيُّ على كَراهةِ تزوُّجِ الرَّجلِ بنتَه مِنْ ماءِ الزِّنى، ولم يَقُلْ قطُّ إنه مُباحٌ ولا جائزٌ، والذي يَليقُ بجَلالتِهِ وإمامتِهِ ومَنصبِهِ الذي أجلَّهُ اللهُ بهِ مِنَ الدِّين أنَّ هذه الكَراهةَ منهُ على وَجهِ التحريمِ، وأطلَقَ لفْظَ الكراهةِ؛ لأنَّ الحَرامَ يَكرهُهُ اللهُ ورسولُهُ (٢).

٣ - وَالأَخَوَاتُ من أي جِهةٍ كُنَّ، شَقيقةً أو لأبٍ أو لأُمٍّ؛ لعُمومِ قولِه تعالَى: ﴿وَأَخَوَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، فالأختُ هي اسمٌ لكُلِّ أنثى شارَكتْكَ في أحَدِ أصلَيْكَ أو مَجمعِهما، أي الأبِ أو الأمِّ أو كِليهِما (٣).


(١) «تفسير القرطبي» (٥/ ١١٥، ١١٦).
(٢) «إعلام الموقعين» (١/ ٤٢، ٤٣).
(٣) المَصادِرُ السابِقةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>