للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَجَرُ»، فنَفَى أنْ يكونَ الولدُ لغيرِ فِراشٍ، وأبعَدُ أنْ يكونَ للزاني شَيءٌ (١).

وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ : اختَلفَ الفُقهاءُ في نكاحِ الرَّجلِ ابنتَهُ مِنْ زنًى أو أختَه أو بنتَ ابنه مِنْ زنًى، فحرَّمَ ذلكَ قومٌ منهم ابنُ القاسمِ، وهوَ قولُ أبي حنيفةَ وأصحابِه، وأجازَ ذلك آخرونَ منهمْ عبدُ الملكِ بنُ الماجشُونِ، وهو قولُ الشافِعيِّ، وقد مَضى هذا في النِّساءِ مُجوَّدًا (٢).

وقالَ في تَفسيرِ سُورةِ النِّساءِ: ومِنَ الحُجةِ للقَولِ الآخَرِ إخبارُ النبيِّ عنْ جُريجٍ وقولُه: «يا غُلامُ مَنْ أبُوكَ؟ قالَ: فُلانٌ الرَّاعِي» (٣)، فهذا يَدلُّ على أنَّ الزِّنى يُحرِّمُ كما يُحرِّمُ الوطءُ الحَلالُ، فلا تَحلُّ أمُّ المَزنِيِّ بها ولا بناتُها لآباءِ الزاني ولا لأولادِهِ، وهيَ روايةُ ابنِ القاسمِ في «المُدوَّنة»، ويُستدلُّ به أيضًا على أنَّ المَخلوقةَ مِنْ ماءِ الزاني لا تَحلُّ للزاني بأمِّها، وهوَ المشهورُ … وقالَ عبدُ المَلكِ الماجشُونِ: إنها تَحِلُّ، وهوَ الصَّحيحُ؛ لقولِهِ تعالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا﴾ [الفرقان: ٥٤] يعني: بالنكاحِ الصَّحيحِ على ما يأتي في الفُرقانِ بَيانُه.

ووَجهُ التمسُّكِ مِنَ الحديثِ على تلكِ المسألتَينِ أنَّ النبيَّ قد حكَى عن جُريجٍ أنه نسَبَ ابنَ الزِّنى للزَّاني، وصدَّقَ اللهُ نِسبتَهُ بما خَرَقَ له مِنَ العادةِ في نُطقِ الصبيِّ بالشهادةِ له بذلكَ، وأخبَرَ بها


(١) «التمهيد» (١/ ١٩١)، و «تفسير القرطبي» (١٣/ ٦٠).
(٢) «تفسير القرطبي» (١٣/ ٦٠).
(٣) رواه مسلم (٢٥٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>