للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : فرعٌ: زنَا بامرأةٍ فولَدَتْ بنتًا يَجوزُ للزاني نِكاحُ البنتِ، لكنْ يُكرَهُ، وقيلَ: إنْ تيقَّنَ أنها مِنْ مائِه إنْ تُصوِّرَ تَيقُّنُه حَرُمَتْ عليهِ، وقيلَ: تَحرمُ مطلَقًا.

والصَّحيحُ: الحِلُّ مُطلَقًا … قلتُ: وسَواءٌ طاوَعَتْه على الزِّنا أو أكرَهَها (١).

وقالَ القاضِي عبدُ الوَهابِ المالِكيُّ : إذا زنَا بامرأةٍ فأتَتْ بابنةٍ كُرِهَ للزاني بأمِّها أنْ يَتزوَّجَها، ولا تَحرمُ عليهِ، خِلافًا لأبي حنيفةَ؛ لقولِهِ : «الولدُ للفِراشِ وللعاهِرِ الحَجَرُ»، فقيَّدَ أنه لا حُكمَ لفِعلِه؛ لأنها أجنَبيةٌ منهُ، بدليلِ أنَّ سائرَ أحكامِ الوِلادةِ المُختصةِ بها مِنْ لُحوقِ النَّسبِ ووُجوبِ النفقةِ والولايةِ في البَدنِ والمالِ والشَّهادةِ لا تَثبتُ في هذا الموضِعِ، كذلكَ تَحريمُ النكاحِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : واختَلفَ الفُقهاءُ في معنَى هذا الحديثِ في نِكاحِ الرَّجلِ ابنتَه مِنْ زِنًى أو أختَه بِنتَ أبيه مِنْ زِنًى، فحرَّمَ ذلكَ قومٌ منهمُ ابنُ القاسِمِ، وهو قولُ أبي حَنيفةَ وأصحابِه، وأجازَ ذلك قومٌ آخَرونَ منهُم عبدُ الملكِ بنُ الماجشُونِ، وهو قولُ الشافعيِّ على كَراهةٍ قال: وأَحَبُّ إليَّ التنزُّهُ عنه؛ لقَولِه: «احتَجِبي منه يا سَودةُ»، وهوَ لا يَفسخُهُ إذا نزَلَ، وقد رُويَ عن مالكٍ مِثلُ ذلكَ، وحُجتُّه «الولدُ للفِراشِ وللعاهِرِ


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٧٤٤)، و «البيان» (٩/ ٢٥٦، ٢٥٧)، و «النجم الوهاج» (٧/ ١٥٣، ١٥٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٩٠، ٢٩١)، و «الديباج» (٣/ ٢٣٩)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٦٩١).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٢٥، ٣٢٦) رقم (١١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>