فإنه يُقتَلُ، وقيلَ له عن مالكٍ أنهُ أباحَه فكذَّبَ النَّقلَ عن مالكٍ، وتَحريمُ هذا هو قولُ أبي حَنيفةَ وأصحابِه وأحمدَ وأصحابِه ومالكٍ وجُمهورِ أصحابِه، وهو قولُ كثيرٍ مِنْ أصحابِ الشافِعيِّ، وأَنكرَ أنْ يكونَ الشافعيُّ نَصَّ على خِلافِ ذلكَ، وقالُوا: إنما نَصَّ على بنتِهِ مِنَ الرَّضاعِ دونَ الزانيةِ التي زنَى بها، واللهُ أعلَمُ (١).
وسُئلَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ ﵀ عن بنتِ الزنى هل تُزوَّجُ بأبيها؟
فأجابَ: الحمدُ للهِ، مَذهبُ الجُمهورِ مِنَ العُلماءِ أنهُ لا يجوزُ التزويجُ بها، وهوَ الصوابُ المَقطوعُ بهِ، حتى تنازَعَ الجُمهورُ هلْ يُقتَلُ مَنْ فعَلَ ذلك؟ على قولَينِ، والمَنقولُ عن أحمدَ أنه يُقتَلُ مَنْ فعَلَ ذلكَ، فقد يُقالُ: هذا إذا لم يَكنْ مُتأوِّلًا، وأما المتأوِّلُ فلا يُقتَلُ وإنْ كانَ مُخطِئًا، وقد يُقالُ هذا مطلَقًا كما قالَهُ الجمهورُ: إنه يُجلَدُ مَنْ شرِبَ النبيذَ المُختلَفَ فيه متأوِّلًا وإنْ كانَ معَ ذلك لا يَفسقُ عندَ الشافعيِّ وأحمدَ في إحدى الروايتَينِ، وفسَّقَهُ مالكٌ وأحمدُ في الرِّوايةِ الأخرَى، والصحيحُ أنَّ المتأوِّلَ المَعذورَ لا يَفسقُ، بل ولا يَأثمُ، وأحمدُ لم يَبلغْهُ أنَّ في هذهِ المسألةِ خِلافًا، فإنَّ الخلافَ فيها إنما ظهَرَ في زَمنِه، لم يَظهَرْ في زمنِ السَّلفِ، فلِهذا لم يَعرفْهُ.