للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ مِنَ العجَبِ كيفَ يُحرِّمُ صاحبُ هذا القَولِ أنْ يَستمنيَ الإنسانُ بيدهِ ويقولُ: «هوَ نكاحٌ ليَدِه» ويُجوِّزُ للإنسانِ أنْ يَنكحَ بعضَهُ، ثمَّ يُجوِّزُ له أنْ يَستفرشَ بعضَه الذي خَلَقَهُ اللهُ مِنْ مائِه وأخرَجَهُ مِنْ صُلبِه كما يَستفرشُ الأجنَبيةَ؟ (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : إذا ثبَتَ هذا فلا فرْقَ بينَ عِلمِه بكونِها منه مِثلَ أنْ يطَأَ امرأةً في طُهرٍ لم يُصِبْها فيه غيرُهُ ثمَّ يَحفظَها حتى تَضعَ، أو مثلَ أنْ يَشتركَ جماعةٌ في وَطءِ امرأةٍ فتأتي بولدٍ لا يُعلَمُ هل هو منه أو مِنْ غيرِهِ، فإنها تَحرمُ على جَميعِهم؛ لوَجهَينِ:

أحَدُهما: أنها بنتُ مَوطوءَتِهم.

والثاني: أننا نَعلمُ أنها بنتُ بعضِهم، فتَحرمُ على الجميعِ، كما لو زَوَّجَ الوليَّانِ ولم يُعلَمِ السابقُ منهُما، وتَحرمُ على أولادِهم؛ لأنها أختُ بَعضِهم غيرُ مَعلومٍ، فإنْ ألحَقَتْها القافَةُ بأحَدِهم حَلَّتْ لأولادِ الباقِينَ، ولم تَحِلَّ لأحدٍ ممَّن وَطئَ أمَّها؛ لأنها في معنَى ربيبتِهِ (٢).

وسُئلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ عن رَجلٍ تزوَّجَ ابنتَهُ مِنْ الزنى.

فأجابَ: لا يَجوزُ أنْ يتزوَّجَ بها عندَ جُمهورِ أئمةِ المسلمِينَ، حتَّى أنَّ الإمامَ أحمدَ أنكَرَ أنْ يكونَ في ذلكَ نِزاعٌ بينَ السلفِ وقالَ: مَنْ فعَلَ ذلكَ


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٥٧٠).
(٢) «المغني» (٧/ ٩١، ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>