وقالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: قالَ القاضي عِياضٌ: واتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ هذهِ المتعةَ كانتْ نكاحًا إلى أجَلٍ لا مِيراثَ فيها، وفِراقُها يَحصلُ بانقضاءِ الأجَلِ مِنْ غيرِ طلاقٍ، ووقعَ الإجماعُ بعدَ ذلكَ على تحريمِها مِنْ جميعِ العلماءِ، إلَّا الرَّوافضَ، وكانَ ابنُ عبَّاسٍ ﵁ يقولُ بإباحَتِها، ورُويَ عنهُ أنه رجَعَ عنهُ.
قالَ: وأجمَعُوا على أنه متَى وقعَ نكاحُ المُتعةِ الآنَ حُكِمَ ببُطلانِهِ، سواءٌ كانَ قبلَ الدخولِ أو بعدَهُ، إلَّا ما سَبقَ عن زفرَ، واختَلفَ أصحابُ مالكٍ هل يُحَدُّ الواطِئُ فيهِ؟ ومَذهبُنا أنه لا يُحَدُّ؛ لشُبهةِ العَقدِ وشُبهةِ الخلافِ، ومأخَذُ الخلافِ اختِلافُ الأصوليِّينَ في أنَّ الإجماعَ بعدَ الخِلافِ هل يَرفعُ الخِلافَ ويُصيِّرُ المَسألةَ مُجمَعًا عليها؟ والأصحُّ عندَ أصحابِنا أنه لا يَرفعُهُ، بلْ يَدومُ الخلافُ ولا يُصيِّرُ المَسألةَ بعدَ ذلكَ مُجمَعًا عليها أبدًا، وبهِ قالَ القاضِي أبو بكرٍ الباقلانِيُّ (١).
وقالَ الإمامُ الخطَّابيُّ ﵀: تَحريمُ نكاحِ المُتعةِ كالإجماعِ بيْنَ المُسلمينَ، وقد كانَ ذلكَ مُباحًا في صَدرِ الإسلامِ، ثمَّ حرَّمَه في حجَّةِ الوَداعِ، وذلكَ في آخِرِ أيامِ رَسولِ اللهِ ﷺ، فلم يَبْقَ اليومَ فيهِ خِلافٌ بينَ الأئمَّةِ، إلَّا شيئًا ذهَبَ إليهِ بعضُ الروافضِ.
وكانَ ابنُ عبَّاسٍ يتأوَّلُ في إباحتِهِ للمُضطرِّ إليهِ بطُولِ العزبةِ وقلَّةِ اليَسارِ والجدةِ، ثمَّ توقَّفُ عنهُ وأمسَكَ عنِ الفتوَى به، حدَّثنا ابنُ السماكِ قالَ:
(١) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ١٨١، ١٨٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute