للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ قالَ: وقد رُويَ عنِ النبيِّ في تَحريمِ نكاحِ المُتعةِ ممَّا قد ذكَرْناهُ ما فيهِ شِفاءٌ، وليسَ أحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ إلَّا يُؤخَذُ مِنْ قَولِه ويُتركُ إلا رَسول اللهِ (١).

ثمَّ قالَ: أجمَعُوا أنَّ المُتعةَ نكاحٌ لا إشهادَ فيهِ ولا وليَّ، وأنه نِكاحٌ إلى أجَلٍ تَقعُ فيهِ الفرقَةُ بلا طَلاقٍ ولا مِيراثٍ بينَهما، وهذا ليسَ حُكمَ الزَّوجاتِ في كِتابِ اللهِ ولا سنَّةِ رَسولِه (٢).

ثمَّ قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ بعدَ أنْ ذكَرَ آثارًا عنِ ابنِ عبَّاسٍ تَدلُّ على رُجوعِه عن إباحةِ المُتعةِ، قالَ: هذهِ الآثارُ كلُّها عنِ ابنِ عبَّاسٍ مَعلولةٌ لا تَجبُ بها حُجةٌ مِنْ جِهةِ الإسنادِ، ولكنْ عليها العُلماءُ، والآثارُ التي رَواها المكِّيونَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ صِحاحُ الأسانيدِ (عنهُ)، وعليها أصحابُ ابنِ عبَّاسٍ، وأمَّا سائرُ العُلماءِ مِنَ الصحابةِ والتابعِينَ ومَن بعدَهم مِنْ الخالفِينَ وفُقهاءِ المُسلمينِ فعلى تَحريمِ المُتعةِ، منُهم مالكٌ في أهلِ المدينةِ، والثوريُّ وأبو حَنيفةَ في أهلِ الكُوفةِ، والشافعيُّ ومَن سلَكَ سبيلَهُ مِنْ أهلِ الحديثِ والفقهِ والنَّظرِ بالاتفاقِ، والأوزاعيُّ في أهلِ الشامِ، والليثُ بنُ سعدٍ في أهلِ مِصرَ، وسائرُ أصحابِ الآثارِ (٣).

وقالَ أبو عُمرَ في «الاستِذكار»: اتَّفقَ أئمَّةُ عُلماءِ الأمصارِ مِنْ أهلِ الرأيِ


(١) «التمهيد» (١٠/ ١١٤، ١١٥).
(٢) «التمهيد» (١٠/ ١١٦).
(٣) «التمهيد» (١٠/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>