للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وُجدَ فيهِ خِلافٌ قديمٌ بينَ أصحابِ النبيِّ وبينَ التابعِينَ في حُكمِ نكاحِ المتعةِ، ثمَّ اتفقَتْ كلمةُ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ على تَحريمِه، ونقَلَ بعضُهمُ الإجماعَ على مَنعِه، وقد تَقدَّمَتِ الأدلَّةُ في تَحريمِ نكاحِ المُتعةِ.

قالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ نَقلًا عنِ الطَّحَاويِّ: واتَّفقَ فقهاءُ الأمصارِ مِنْ أهلِ الرأيِ والأثرِ على تَحريمِ نكاحِ المُتعةِ، وشذَّ زُفرُ عن الفقهاءِ فقالَ: إنْ تزوَّجَها عشرةَ أيامٍ أو نحوَها أو شهرًا فالنكاحُ ثابتٌ والشرطُ باطِلٌ، ولا خِلافَ أنَّ المتعةَ نكاحٌ إلى أجَلٍ لا ميراثَ فيهِ، وأنَّ الفرقةَ تَقعُ فيهِ عندَ انقضاءِ الأجَلِ مِنْ غيرِ طَلاقٍ، وليسَ هذا حكمَ الزوجيةِ عندَ أحدٍ مِنْ الأمَّةِ (١).

وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأمَّا الصحابةُ فإنهمُ اختَلفُوا في نكاحِ المُتعةِ، فذهَبَ ابنُ عبَّاسٍ إلى إجازَتها فتَحليلِها، لا خِلافَ عنهُ في ذلكَ وعليهِ أكثرُ أصحابِه، منهم عطاءُ بنُ أبي رباحٍ وسعيدُ بنُ جبيرٍ وطاووسٌ، ورُويَ تَحليلُها أيضًا وإجازتُها عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ وجابرِ بنِ عبدِ اللهِ، وذكَرَ عبدُ الرزاقِ عن ابنِ جُريجٍ عن عطاءٍ قالَ: أخبَرَني مَنْ شِئتَ عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ قالَ: «لقدْ كانَ أحدُنا يَستمتعُ بمِثلِ القَدحِ سُويقًا»، وأخبَرَني ابنُ الزُّبيرِ قالَ: سَمعتُ جابرَ بنَ عبد اللهِ يقولُ: «كنَّا نَستمتعُ بالقَبضةِ مِنَ التمرِ والدَّقيقِ الأيامَ على عهدِ رَسولِ اللهِ وأبي بكرٍ، حتَّى نهَى عُمرُ الناسَ عنها في شأنِ عَمرِو بنِ حُريثٍ»


(١) «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>