للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه وَليُّ مَنْ لا يَلِي نفْسَه ومالَه، فيَستبدُّ بالعقدِ عليها كالبكرِ، وتأثيرُه أنَّ الشرعَ باعتِبارِ صِغرِها أقامَ رأيَ الوليِّ مَقامَ رأيِها كما في حَقِّ الغُلامِ وكما في حَقِّ المالِ، وبالثُّيوبةِ لا يَزولُ الصِّغرُ، وكذلكَ معنَى الرأيِ لا يَحصلُ لها بالثُّيوبةِ في حالةِ الصِّغرِ؛ لأنها ما نَضَّتْ شَهوتُها بهذا الفعلِ، ولو ثبَتَ لها رأيٌ فهي عاجِزةٌ عن التصرُّفِ بحُكمِ الرأيِ، فيُقامُ رأيُ الوليِّ مَقامَ رأيها، كما أنها لمَّا كانَتْ عاجِزةً عن التصرُّفِ في مِلكِها أُقيمَ تصرُّفُ الوليِّ مَقامَ تصرُّفِها.

والمُرادُ بالحَديثِ البالِغةُ؛ لأنه علَّقَ به ما لا يتحقَّقُ إلا بعدَ البُلوغِ، وهو المُشاوَرةُ وكُونُها أحَقَّ بنَفسِها، وذلكَ إنما يَتحقَّقُ في البالغةِ دونَ الصغيرةِ، ولَئِنْ ثبَتَ أنَّ الصغيرةَ مُرادٌ فالمُرادُ المَشورةُ على سبيل النَّدبِ دونَ الحَتمِ، كما أمَرَ باستئْمارِ أمَّهاتِ البناتِ فقالَ: «وتُؤامَرُ النِّساءُ في إبضاعِ بَناتِهنَّ»، وكانَ بطَريقِ النَّدبِ، فهذا مِثلُه (١).

ولأنَّ حالَ الصغيرةِ يَثبتُ معها الإجبارُ كالبِكرِ، ولأنَّ وِلايةَ الأبِ ثابتةٌ عليها في هذهِ الحالِ كالغُلامِ، ولأنَّ كلَّ معنًى لم يُؤثِّرْ في سُقوطِ الولايةِ عليها في المالِ لم يؤثِّرْ في إجبارِ الأبِ إياها على النكاحِ، أصلُه مُجرَّدُ البلوغِ، ولأنها ولايةٌ ثابتةٌ للأبِ على وَلدِه الصَّغيرِ، فلمْ يؤثِّرْ في إزالتِه ذهابُ البَكارةِ على أي


(١) «المبسوط» (٤/ ٢١٨)، و «الهداية» (١/ ١٩٨)، و «العناية» (٤/ ٢٢٠، ٢٢١)، و «البحر الرائق» (٣/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>