إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا في الثَّيبِ الصَّغيرةِ، هل يَجوزُ تَزويجُها بغيرِ رضاها؟ أم يُشترطُ رِضاها؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابلةُ في وَجهٍ إلى أنَّ للأبِ جبْرَ ابنتِه الثيِّبِ الصغيرةِ على النكاحِ؛ لأنَّ الصِّغرَ هو مَناطُ الحُكمِ، ولأنها صَغيرةٌ، فجازَ إجبارُها كالبِكرِ والغُلامِ، يحقِّقُ ذلكَ أنها لا تَزيدُ بالثُّيوبةِ على ما حصَلَ للغُلامِ بالذُّكوريةِ، ثمَّ الغُلامُ يُجبَرُ إنْ كانَ صغيرًا، فكذا هذهِ، والأخبارُ الوارِدةُ مَحمولةٌ على الكَبيرةِ؛ فإنه جعَلَها أحَقَّ بنَفسِها مِنْ وَليِّها، والصَّغيرةُ لا حَقَّ لها.
ولعُمومِ قولِه تعالَى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢]، ولأنَّ كلَّ مَنْ ثبتَتْ عليه الوِلايةُ في مالِه جازَ إجبارُه على النكاحِ كالبِكرِ الصَّغيرةِ وكالغُلامِ، ولأنَّ لها مَنفعتَينِ: استِخدامٌ واستِمتاعٌ، فلمَّا كانَ لوَليِّ العقدِ على استِخدامِ مَنفعتُها بالإجارةِ جازَ له العقدُ على مَنفعةِ الاستمتاعِ بها بالنكاحِ، وتَحريرُه أنها إحدَى مَنفعتَيها، فجازَ العقدُ عليها قبلَ بُلوغِها كالإجارةِ.