للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَختلفُوا فيه أنَّ نكاحَ الأبِ غيرُ جائزٍ عليها إلَّا برِضاها؛ لحَديثِ خَنساءَ بنتِ خِذامٍ وحَديثِ ابنِ عبَّاسٍ: «والأيَّمُ أحَقٌّ بنَفسِها» (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (وإذا زوَّجَ ابنتَه الثيَّبَ بغيرِ إذنِها فالنكاحُ باطِلٌ وإنْ رَضيَتْ بعدُ).

وجُملةُ ذلكَ أنَّ الثيَّبَ تَنقسِمُ قِسمينِ: كَبيرَة وصَغيرة، فأمَّا الكبيرةُ فلا يَجوزُ للأبِ ولغيرِه تَزويجُها إلَّا بإذنِها في قَولِ عامَّةِ أهلِ العِلمِ، إلَّا الحسَنَ قالَ: له تَزويجُها وإنْ كَرهَتْ، والنَّخعيُّ قالَ: يزوِّجُ بنتَه إذا كانَتْ في عِيالِه، فإنْ كانَتْ بائِنةً في بيتِها مع عِيالِها استأمَرَها.

قالَ إسماعيلُ بنُ إسحاقَ: لا أعلَمُ أحَدًا قالَ في البِنتِ بقَولِ الحسَنِ، وهو قَولٌ شاذٌّ خالَفَ فيه أهلَ العِلمِ والسُّنةَ؛ فإنَّ الخَنساءَ ابنةَ خِدامٍ الأنصاريةَ رَوَتْ «أنَّ أباها زوَّجَها وهيَ ثيِّبٌ فكَرهَتْ ذلكَ، فأتَتِ النبيَّ فرَدَّ نِكاحَه» رواهُ البُخاريُّ والأئمَّةُ كلُّهم.

وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: هذا الحَديثُ مُجمَعٌ على صِحتِه والقولِ به، لا نَعلمُ مُخالِفًا له إلَّا الحسَنَ، وكانَتْ الخَنساءُ مِنْ أهلِ قُباءَ، وكانَتْ تحتَ أُنيسِ بنِ قَتادةَ، فقُتِلَ عنها يومَ أحُدٍ، فزوَّجَها أبوها رَجلًا مِنْ بَني عَمرِو بنِ عَوفٍ فكَرهَتْه، وشَكَتْ ذلكَ إلى رَسولِ اللهِ فرَدَّ نِكاحَها، ونكَحَتْ أبا لُبابَة بنَ عبدِ المُنذِرِ، ورَوى أبو هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ قالَ:


(١) «اختلاف العلماء» ص (١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>