أصلَحُ لها، إلا أنَّ الأبَ له مِنْ التبسُّطِ في مالِ ولَدِه ما ليسَ لغيرِه كما قالَ النبيُّ ﷺ: «أنتَ ومالُكَ لأبيكَ»، بخِلافِ غيرِ الأبِ (١).
قالَ ابنُ القيِّمِ ﵀: قالَتِ الشَّافعيةُ: له أنْ يُجبِرَ ابنتَه البالِغةَ المُفتِيةَ العالِمةَ بدينِ اللهِ التي تُفتِي في الحَلالِ والحَرامِ على نِكاحِها بمَن هي أكرَهُ الناسِ لهُ وأشَدُّ الناسِ عنهُ نُفرةً بغيرِ رِضاها، حتَّى لو عيَّنَتْ كُفؤًا شابًّا جَميلًا دَيِّنًا تُحبُّه وعيَّنَ كُفؤًا شَيخًا مُشوَّهًا دَميمًا كانَ العِبرةُ بتَعيينِه دُونَها، فتَركُوا مَحْضَ القياسِ والمَصلحةَ ومَقصودَ النكاحِ مِنْ الوُدِّ والرحمةِ وحُسنِ المُعاشَرةِ وقالُوا: لو أرادَ أنْ يَبيعَ لها حَبلًا أو عُودَ أراكٍ مِنْ مالِها لم يَصحَّ إلا برِضاها، وله أنْ يُرِقَّها مُدةَ العُمرِ عندَ مَنْ هي أكرَهُ شيءٍ فيهِ بغيرِ رِضاها.
قالُوا: وكما خَرجْتُم عن مَحضِ القياسِ خَرجْتُم عن صَريحِ السُّنةِ؛ فإنَّ رسولَ اللهِ ﷺ خيَّرَ جاريةً بِكرًا زوَّجَها أبوها وهي كارِهةٌ، وخيَّرَ أخرَى ثيِّبًا، ومِن العَجبِ أنكُم قُلتُم: «لو تصرَّفَ في حَبلٍ مِنْ مالِها على غيرِ وَجهِ الحَظِّ لها كانَ مَردودًا، حتَّى إذا تصرَّفَ في بُضعِها على خِلافِ حَظِّها كانَ لازمًا»، ثمَّ قلتُم: «هو أخبَرُ بحَظِّها منها»، وهذا يَردُّه الحِسُّ؛ فإنها أعلَمُ بمَيلِها ونُفرتِها وحَظِّها ممَّن تُحبُّ أنْ تُعاشِرَه وتَكرَهُ عِشرتَه، وتعلَّقْتُم بما رواهُ مُسلمٌ مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ يَرفعُه: «الأيِّمُ أحَقُّ بنَفسِها مِنْ وليِّها، والبِكرُ تُستأذَنُ في نَفسِها، وإذنُها صُماتُها»، وهو حُجةٌ عليكُم، وتَركْتُم ما في
(١) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٢٢، ٤٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute