مُباضَعتَه ومُعاشَرةَ مَنْ تَكرَهُ مُعاشَرتَه، واللهُ قد جعَلَ بينَ الزوجينِ مودَّةً ورحمةً، فإذا كانَ لا يَحصلُ إلَّا مع بُغضِها له ونُفورِها عنهُ فأيُّ مودَّةٍ ورَحمةٍ في ذلكَ؟ …
والمَقصودُ أنَّ الشارعَ لا يُكرِهُ المرأةَ على النكاحِ إذا لم تُرِدْه، بل إذا كَرهَتِ الزوجَ وحصَلَ بينَهما شِقاقٌ فإنه يَجعلُ أمْرَها إلى غيرِ الزَّوجِ لمَن يَنظرُ في المَصلحةِ مِنْ أهلِها مع مَنْ يَنظرُ في المَصلحةِ مِنْ أهلِه، فيُخلِّصُها مِنْ الزوجِ بدونِ أمرِه، فكيفَ تُؤسَرُ معه أبدًا بدونِ أمرِها؟! والمرأةُ أسيرةٌ معَ الزَّوجِ كما قالَ النبيُّ ﷺ:«اتَّقُوا اللهَ في النِّساءِ، فإنهُنَّ عَوَانٌ عِندَكُم، أخَذتُموهنَّ بِأمانةِ اللهِ واستَحلَلتُم فُروجَهُنَّ بكَلمةِ اللهِ».
ثمَّ قالَ: ويَجبُ على وَليِّ المَرأةِ أنْ يتَّقِي اللهَ فيمَن يُزوِّجُها بهِ، ويَنظرَ في الزوجِ هل هوَ كُفؤٌ أو غيرُ كُفؤٍ؟ فإنه إنَّما يزوِّجُها لمَصلحتِها لا لمَصلحتِه، وليسَ له أنْ يزوِّجَها بزَوجٍ ناقصٍ لغَرضٍ له مِثلَ أنْ يتزوَّجَ مُولِّيةَ ذلكَ الزوجِ بدَلَها، فيكونُ مِنْ جِنسِ الشِّغارِ الذي نهَى عنه النبيُّ ﷺ، أو يزوِّجَها بأقوامٍ يُحالِفُهم على أغراضٍ له فاسِدةٍ، أو يزوِّجَها لرَجلٍ لمالٍ يَبذلُه له وقد خطَبَها مَنْ هو أصلَحُ لها مِنْ ذلكَ الزوجِ، فيقدِّمُ الخاطِبَ الذي بَرْطَلَه على الخاطِبِ الكُفؤِ الَّذي لم يُبَرْطِلْه.
وأصلُ ذلكَ أنَّ تصرُّفَ الوليِّ في بُضعِ وَليَّتِه كتصرُّفِه في مالِها، فكَمَا لا يتصرَّفُ في مالِها إلا بما هو أصلَحُ كذلكَ لا يَتصرفُ في بُضعِها إلا بما هو