للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أحَدُهما): أنه يُجبِرُ البكرَ البالغَ، كما هو مَذهبُ مالكٍ والشافعيِّ، وهو اختيارُ الخِرقيِّ والقاضي وأصحابِه.

و (الثاني): لا يُجبِرُها، كمَذهبِ أبي حَنيفةَ وغيرِه، وهو اختيارُ أبي بكرٍ عبدِ العَزيزِ بنِ جَعفرَ، وهذا القَولُ هو الصَّوابُ.

والناسُ مُتنازِعونَ في (مَناطِ الإجبارِ)، هل هو البَكارةُ أو الصِّغرُ أو مَجموعُها أو كلٌّ مِنهُما؟ على أربعةِ أقوالٍ في مَذهبِ أحمَدَ وغيرِه.

والصَّحيحُ أنَّ مَناطَ الإجبارِ هو الصِّغَرُ، وأنَّ البكرَ البالغَ لا يُجبِرُها أحَدٌ على النكاحِ؛ فإنه قد ثبَتَ في الصَّحيحِ عن النبيِّ أنه قالَ: «لا تُنكَحُ البِكرُ حتَّى تُستأذَنَ، ولا الثَّيبُ حتَّى تُستأمَرَ»، فقِيلَ له: إنَّ البِكرَ تَستحِي، فقالَ: «إذنُها صُماتُها» (١)، وفي لفظٍ في الصَّحيحِ: «البِكرُ يَستأذِنُها أبوها» (٢)، فهذا نهيُ النبيِّ لا تُنكَحُ حتَّى تُستأذَنَ، وهذا يَتناوَلُ الأبَ وغيرَه، وقد صرَّحَ بذلكَ في الروايةِ الأُخرى الصَّحيحةِ، وأنَّ الأبَ نفْسَه يَستأذِنُها.

وأيضًا: فإنَّ الأبَ ليسَ له أنْ يتصرَّفَ في مالِها إذا كانَتْ رَشيدةً إلَّا بإذنِها، وبُضعُها أعظَمُ مِنْ مالِها، فكيفَ يجوزُ أنْ يتصرَّفَ في بُضعِها معَ كَراهتِها ورُشدِها؟!

وأيضًا: فإنَّ الصِّغرَ سَببُ الحَجرِ بالنَّصِّ والإجماعِ، وأمَّا جَعلُ البَكارةِ


(١) رواه البخاري (٤٨٤٣، ٦٥٦٧)، ومسلم (١٤١٩).
(٢) رواه مسلم (١٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>