أمْرَها رَجلًا حتَّى يزوِّجَها جازَ، وليسَ هذا قَولًا في صحَّةِ النكاحِ بلا وليٍّ؛ لأنَّ أبا عاصِمٍ العبَّاديَّ حكَى هذا النَصَّ في «طبَقَات الفُقهاءِ»، ثمَّ ذكَرَ أنَّ مِنْ أصحابِنا مَنْ أنكَرَه ومنهُم مَنْ قَبِلَه، وقالَ: إنهُ تَحكيمٌ، والمُحكَّمُ قامَ مَقامَ الحاكِمِ.
قلتُ: ذكَرَ صاحِبُ «الحاوِي» فيما إذا كانَتِ امرأةٌ في مَوضعٍ ليسَ فيه وليٌّ ولا حاكِمٌ ثلاثةَ أوجُهٍ:
أحَدُها: لا تزوِّجُ.
والثَّاني: تزوِّجُ نفسَها؛ للضَّرورةِ.
والثالثُ: تُولِّي أمْرَها رجلًا يزوِّجُها.
وحكَى الشاشِيُّ أنَّ صاحِبَ «المُهذَّب» كانَ يقولُ في هذا: تُحكِّمُ فَقيهًا مجتهِدًا، وهذا الَّذي ذكَرَه في التَّحكيمِ صحيحٌ؛ بناءً على الأظهَرِ في جوازِه في النكاحِ، ولكنَّ شرْطَ الحَكمِ أنْ يكونَ صالحًا للقَضاءِ، وهذا يُعتبَرُ في مثلِ هذه الحالِ.
فالذي نَختارُه صحَّةَ النكاحِ إذا ولَّتْ أمْرَها عدلًا وإنْ لم يَكنْ مُجتهِدًا، وهو ظاهِرُ نَصِّه الذي نقَلَه يُونسُ وهو ثِقةٌ، واللهُ أعلَمُ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ المُلقِّنِ ﵀: لو لم يَكنْ لها وليٌّ وكانَتْ في مَوضعٍ
(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٦٨٩)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٦٦)، و «الهداية إلى أوهام الكفاية» للأسنوي (٢٠/ ٤٧٥).