الأخلاقِ، فالغنيَّةُ ذاتُ الجَمالِ ليسَتْ بدَنيئةٍ وإنْ لم يكنْ لها حسَبٌ ولا نسَبٌ، والنَّسِيبةُ وإنْ كانَتْ فَقيرةً أو قَبيحةً ليسَتْ بدَنيئةٍ، بل كُلُّ مَنْ اتَّصفَتْ بصِفتينِ مِنْ هذهِ الصِّفاتِ الأربَعِ فشَريفةٌ، بل وبِصفةٍ فقط على ما قالَه بعضُهم.
نعمْ الوَقْفةُ في قَومٍ فُقراءَ شأنُهم أنْ يكونُوا خدمةً للناسِ ولا دِيانةَ عندَهم ولا صِيانةَ، فهُمْ وإنْ عُرِفَ نسَبُهم إلَّا أنهُم لعَدمِ دِيانتِهم وصِيانتِهم وكَونِهم مُسخَّرينَ تحتَ أيدي الناسِ لا يُلتفَتُ إليهم، والظاهرُ دَناءتُهم.
وبقيَ الكلامُ في الجَوازِ: هل لا يَجوزُ لمُطلَقِ مُسلمٍ أنْ يَتولَّى عقْدَ نكاحِ الدَّنيئةِ مع وُجودِ كأبيها؟ أو يَجوزُ؟ قَولانِ في المَذهبِ.
ويَصحُّ نكاحُ شَريفةٍ بالولايةِ العامَّةِ مع وُجودِ خاصٍّ غيرِ مُجبِرٍ إنْ دخَلَ الزوجُ بها وطالَ طُولًا، وهو أنْ يَمضيَ زَمنٌ تَلدُ فيه الأولادَ كثَلاثِ سنينَ.
وأمَّا لو عقَدَ النكاحَ بالولايةِ العامَّةِ مع وُجودِ المُجبِرِ كانَ النكاحُ فاسِدًا، ويُفسَخُ أبدًا ولو أجازَه المُجبِرُ (١).
وأمَّا الشافِعيةُ فقالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: رَوَى يُونسُ بنُ عبدِ الأعلى أنَّ الشَّافعيَّ ﵁ قالَ: إذا كانَ في الرِّفقةِ امرأةٌ لا وليَّ لها فولَّتْ
(١) «التاج والإكليل» (٢/ ٤٩٥، ٤٩٦)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٦٣، ٦٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٠، ٢٢)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٥٦)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٤/ ٤٤٧، ٤٤٩).