والثَّاني: أنَّ النكاحَ الَّذي عقَدَه وَليٌّ (١) قد جُعلَ له سَبيلٌ إلى استِباحتِه بوَليٍّ، فاقتُصرَ في الزَّجرِ عنه على مُجرَّدِ النهيِ، وليسَ كالنبيذِ الذي لا سَبيلَ إلى استِباحتِه، فلمْ يقتصرْ في الزَّجرِ عنه على مُجرَّدِ النهيِ حتَّى يُضَمَّ إليه حُكمٌ هو أبلَغُ في الزَّجرِ؛ ليَكونَ أمنَعَ مِنْ الإقدامِ عليهِ.
وإذا كانَا جاهَلينِ بتَحريمِ النكاحِ بغيرِ وَليٍّ فلا حَدَّ عليهِما؛ لأنَّ الجَهلَ بالتحريمِ أقوَى شُبهةً، وقد قالَ النبيُّ ﷺ:«ادرَؤُوا الحُدودَ بالشُّبُهاتِ»، ولأنَّ مَنْ جَهِلَ تحريمَ الزنا لحُدوثِ إسلامِه لم يُجلَدْ، فكانَ هذا بَدرءِ الحَدِّ أَولى، أَلَا تَرَى أنَّ قولَ عُثمانَ ﵁ في أمَةٍ أقرَّتْ بالزِّنا إقرارَ جاهِلٍ بتَحريمِه:«أرَاها تَشهدُ به كأنَّها لم تَعلمْ، وإنَّما الحَدُّ على مَنْ عَلِمَ»، ثمَّ يتعلَّقُ على هذهِ الإصابةِ مِنْ الأحكامِ ما يَتعلَّقُ على النكاحِ الصحيحِ، إلَّا في المُقامِ عليه فيُوجِبُ العدَّةَ ويُلحِقُ بالنسَبِ ويَثبتُ به تَحريمُ المُصاهَرةِ، ولكنْ في ثُبوتِ المَحرميةِ بها وَجهانِ:
أحَدُهما: تَثبتُ بها المَحرمُ كما تَثبتُ بها تَحريمُ المُصاهَرةِ، فلا تُحجَبُ عن أبيهِ وابنِه، ولا يُحجَبُ عنه أمِّها وبنتِها.