شافِعيٍّ فهل لهُ أنْ يَحكمَ بإبطالِه ويَنقضَ حُكمَ الحنفيِّ بصحَّتِه وإمضائِه أم لا؟ على وَجهينِ:
أحَدُهما: له الحُكمُ بإبطالِه ونَقضِ حُكمِ الحَنفيِّ بإمضائِه؛ لِمَا فيه مِنْ مُخالَفةِ النَّصِّ في قولِه:«فنِكاحُها باطِلٌ، ثَلاثًا».
والوَجهُ الثَّاني: أنه ليسَ له أنْ يَنقضَ حُكمًا قد نفَذَ باجتِهادٍ والنَصُّ فيه مِنْ أخبارِ الآحادِ.
وإذا لم يَترافعَا فيه إلى حاكِمٍ ولا حُكِمَ فيه بأحَدِ الأمرَينِ مِنْ صحَّةٍ أو إبطالٍ، فإنْ لم يَجتمِعَا فيه على الإصابةِ حتَّى افتَرقَا فلا عدَّةَ عليهِما ولا مهْرَ لها، وإنْ ماتَ أحَدُهما لم يَتوارثَا، وإنِ اجتَمعَا فيه على الإصابة لم تَخلُ حالُهُما مِنْ ثَلاثةِ أقسامٍ: أحَدُها: أنْ يَعتقدَا الإباحةَ، والثاني: أنْ يَعتقدَا تَحريمَه، والثالِثُ: أنْ يَجهلَا حُكمَه.
فإنِ اعتَقدَا الإباحَةَ لاعتِقادِهما مَذهبَ أبي حَنيفةَ فيه فلا حَدَّ عليهِما؛ لاستِباحَتِهما له مِنْ اجتِهادٍ مُسوَّغٍ.
فإنْ قيلَ: أفَليسَ لو شَربَ النَّبيذَ مَنْ اعتَقدَ مذهبَ أبي حَنيفةَ في إباحَتِه حَددْتموهُ، فهلَّا حَدَدْتُم هذا مع اعتقادِه إباحَته؟
قيلَ: الفَرقُ بينَهُما مِنْ وجهَينِ:
أحَدُهما: أنَّ الشُّبهةَ في النكاحِ بغيرِ وَليٍّ أقوَى؛ لتَردُّدِه بينَ أصلَيْ حَظرٍ مِنْ زنًا وإباحةٍ مِنْ نكاحٍ، وإباحةُ الشُّبهةِ في النَّبيذِ الذي لا يَرجعُ إلَّا إلى أصلٍ واحدٍ في الحَظرِ والتَّحريمِ وهوَ الخَمرُ.