للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ الماوَرديُّ : مَسألةٌ: قالَ الشافعيُّ: «وجمَعَتِ الطريقُ رِفقةً فيهم امرأةٌ ثيِّبٌ، فوَلَّتْ أمْرَها رَجلًا منهم فزوَّجَها، فجلَدَ عمرُ بنُ الخطَّابِ الناكِحَ والمُنكِحَ، ورَدَّ نِكاحَهما».

قالَ الماوَرديُّ: وهذا الأمرُ المَرويُّ عن عُمرَ وإنْ كانَ دَليلًا على إبطالِ النكاحِ بغيرِ وَليٍّ، فالمَقصودُ به يتعلَّقُ على المُتناكحَينِ بغيرِ وليٍّ مِنْ الأحكامِ، فإذا تَناكَحَ الزَّوجانِ بغيرِ وليٍّ فلا يَخلُو حالُهُما مِنْ أنْ يَترافعَا فيه إلى حاكِمٍ أم لا:

فإنْ تَرافعَا فيه إلى حاكِمٍ لم يَخلُ حالُ الحاكِمِ مِنْ أحَدِ أمرَينِ: إمَّا أنْ يكونَ شافِعيًّا يَرَى إبطالَ النكاحِ بغيرِ وَليٍّ، أو يكونَ حَنفيًّا يرَى جوازَ النكاحِ بغيرِ وَليٍّ.

فإنْ كانَ شافِعيًّا يرَى إبطالَ النكاحِ بغيرِ وَليٍّ حكَمَ بإبطالِه وفرَّقَ بينَهُما، فإنِ اجتَمعَا حكَمَ فيه بمَذهبِه، وقَضَى بينَهُما على الإصابةِ بعدَ تَفريقِ الحاكِمِ بينَهُما كانَا زانيَينِ عليهِما الحَدُّ؛ لأنَّ شُبهةَ العقدِ قدِ ارتفَعَتْ بحُكمِ الحاكمِ بينَهُما بالفُرقةِ، فلو تَرافعَا بعدَ إبطالِ الحاكمِ الشَّافعيِّ إلى حاكمٍ حَنفيٍّ لم يَكنْ له أنْ يَحكمَ بجَوازِه؛ لنُفوذِ الحُكمِ بإبطالِه، وإنْ كانَا في الابتِداءِ قد تَرافعَا إلى حاكمٍ حَنفيٍّ يرَى صحَّةَ النكاحِ بغيرِ وَليٍّ فحكَمَ بينَهُما بصحَّتِه وأَذِنَ لهُما بالاجتِماعِ فيه فلم يَكنْ عليهِما في الإصابةِ حَدٌّ؛ لنُفوذِ الحُكمِ بالإباحةِ، فلو تَرافعَا بعدَ حُكمِ الحَنفيِّ بصحةٍ إلى حاكِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>