للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّخصانِ حاضِرَينِ، وهو أنْ يكونَ الإيجابُ والقَبولُ في مَجلسٍ واحِدٍ، فلوِ اختَلفَ المَجلسُ لا يَنعقدُ النِّكاحُ، بأنْ كانَا حاضِرَينِ فأَوجَبَ أحَدُهما فَقامَ الآخَرُ عنِ المَجلسِ قبْلَ القَبولِ، أو اشتَغلَ بعَملٍ يُوجِبُ اختِلافَ المَجلسِ لا يَنعقدُ؛ لأنَّ انعِقادَه عِبارةٌ عنِ ارتِباطِ أحَدِ الشَّطرَينِ بالآخَرِ، فكانَ القِياسُ وُجودُهما في مكانٍ واحدٍ، إلَّا أنَّ اعتِبارَ ذلكَ يُؤدِّي إلى سَدِّ بابِ العُقودِ، فجُعلَ المَجلسُ جامِعًا للشَّطرَينِ حُكمًا مع تَفرُّقِهما حَقيقةً للضَّرورةِ، والضَّرورةُ تَندفعَ عندَ اتِّحادِ المَجلسِ، فإذا اختَلفَ تفرَّقَ الشَّطرانِ حَقيقةً وحُكمًا، فلا يَنتظِمُ الرُّكنُ.

فلو عقَدَا وهُمَا يَمشيانِ ويَسيرانِ على الدَّابةِ لا يَجوزُ، وإنْ كانَا على سَفينةٍ سَائرةٍ جازَ؛ لأنَّ السَّفينةَ في حُكمِ المَكانِ الواحِدِ، هذا إذا كانَ العاقِدانِ حاضِرَينِ.

قالَ الكاسانِيُّ : فأمَّا إذا كانَ أحَدُهما غائِبًا لم يَنعقِدْ، حتَّى لو قالَتِ امرأةٌ بحَضرةِ شاهدَينِ: «زوَّجتُ نفْسِي مِنْ فُلانٍ» وهو غائِبٌ فبلَغَه الخبَرُ فقالَ: «قَبلْتُ»، أو قالَ رَجلٌ بحَضرةِ شاهدَينِ: «تزوَّجْتُ فُلانةَ» وهي غائِبةٌ فبلَغَها الخبَرُ فقالَتْ: «زوَّجتُ نفْسِي منهُ» لم يَجُزْ وإنْ كانَ القَبولُ بحَضرةِ ذَينِكِ الشاهدَينِ، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ ومُحمَّدٍ.

وقالَ أبو يُوسفَ: يَنعقدُ ويَتوقَّفُ على إجازَةِ الغائِبِ.

وجْهُ قَولِ أبي يُوسفَ: إنَّ كَلامَ الواحِدِ يَصلحُ أنْ يكونَ عَقدًا في بابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>