للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرِّوايةُ الأُخرى: يَبطلُ العَقدُ مِنْ أصلِه في هذا؛ لأنَّ النكاحَ لا يكونُ إلَّا لازمًا، وهذا يُوجِبُ جَوازَه، ولأنه إذا قالَ: «إنْ رَضيَتْ أُمُّها، أو إنْ جِئتَني في وَقتِ كذا» فقدْ وقَفَ النكاحَ على الشَّرطِ، ولا يَجوزُ وَقفُه على شَرطٍ، وهذا قَولُ الشَّافعيِّ، ونَحوُه عن مالِكٍ وأبي عُبيدٍ.

فصلٌ: وإنْ شرَطَ الخِيارَ في الصَّداقِ خاصَّةً لم يَفسُدِ النكاحُ؛ لأنَّ النكاحَ يَنفردُ عن ذِكرِ الصَّداقِ، ولو كانَ الصَّداقُ حَرامًا أو فاسِدًا لم يَفسدُ النكاحُ، فلَأنْ لا يَفسدَ بشَرطِ الخِيارِ فيه أَولى، ويُخالِفُ البيعَ، فإنه إذا فسَدَ أحَدُ العِوضينِ فيه فسَدَ الآخَرُ.

فإذا ثبَتَ هذا ففِي الصَّداقِ ثلاثةُ أوجُهٍ:

أحَدُها: يَصحُّ الصَّداقُ ويَبطلُ شَرطُ الخِيارِ، كما يَفسدُ الشَّرطُ في النكاحِ ويَصحُّ النكاحُ.

والثَّاني: يَصحُّ ويَثبتُ الخِيارُ فيه؛ لأنَّ عقْدَ الصَّداقِ عَقدٌ مُنفرِدٌ يَجرِي مَجرَى الأثمانِ، فثبَتَ فيه الخِيارُ كالبَياعاتِ.

والثَّالثُ: يَبطلُ الصَّداقُ؛ لأنها لم تَرْضَ به، فلم يَلزمْها كما لو لم تُوافِقْه على شَيءٍ (١).

وقالَ ابنُ تَيميةَ : ولو شرَطَ الخِيارَ في النكاحِ ففيهِ ثَلاثةُ أَقوالٍ، هي ثَلاثُ رِواياتٍ عن أحمَدَ: قِيلَ: يَصحُّ العَقدُ والشَّرطُ، وقيلَ: يَبطُلانِ،


(١) «المغني» (٧/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>