والنكاحُ لا يَحتملُ الانعِقادَ في وَقتٍ دُونَ وَقتٍ، فلِهذا بطَلَ بالتَّوقيتِ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: القِسمُ الثَّالثُ: ما يُبطِلُ النِّكاحَ مِنْ أصلِه، مِثلَ أنْ يَشترطَا تَأقيتَ النكاحِ -وهو نِكاحُ المُتعةِ-، أو أنْ يُطلِّقَها في وَقتٍ بعَينِه، أو يُعلِّقَه على شَرطٍ مِثلَ أنْ يَقولَ: «زوَّجتُكَ إنْ رَضِيَتْ أُمُّها، أو فُلانٌ»، أو يُشتَرطَ الخِيارُ في النكاحِ لهُمَا أو لأحَدِهما، فهذهِ شُروطٌ باطِلةٌ في نَفسِها ويَبطلُ بها النكاحُ، وكذلكَ إنْ جعَلَ صَداقَها تَزويجَ امرأةٍ أُخرَى -وهوَ نِكاحُ الشِّغارِ-، ونَذكرُ ذلكَ في مَواضِعِه إنْ شاءَ اللهُ تعالَى.
وذكَرَ أبو الخَطَّابِ فيما إذا شرَطَ الخِيارَ إنْ رَضِيَتْ أُمُّها وإنْ جاءَها بالمَهرِ في وَقتِ كذا وإلَّا فلا نِكاحَ بينَهُما رِوايتَينِ:
إحداهُما: النكاحُ صَحيحٌ والشرطُ باطِلٌ، وبه قالَ أبو ثَورٍ فيما إذا شرَطَ الخِيارَ، وحكاهُ عن أبي حَنيفةَ، وزعَمَ أنه لا خِلافَ فيها.
وقالَ ابنُ المُنذرِ: قالَ أحمدُ وإسحاقُ: إذا تزوَّجَها على أنه إنْ جاءَ بالمَهرِ في وَقتِ كذا وكذا وإلَّا فلا نِكاحَ بينَهُما الشَّرطُ باطِلٌ والعَقدُ جائزٌ، وهو قولُ عَطاءٍ والثَّوريِّ وأبي حَنيفةَ والأوزاعِيِّ، ورُويَ ذلكَ عن الزُّهريِ.
وروَى ابنُ مَنصورٍ عن أحمدَ في هذا أنَّ العَقدَ والشَّرطَ جائِزانِ؛ لقَولِه ﷺ: «المُسلِمونَ على شُروطِهم».
(١) «المبسوط» (٥/ ٩٤، ٩٥)، و «النهر الفائق» (٣/ ٣٦٣)، و «البحر الرائق» (٦/ ٤)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٥٧٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute