وقالَ سائرُ أصحابِنا: ليسَ ذلكَ على اختِلافِ قَولينِ، وإنَّما هو على اختِلافِ حالَينِ، فالمَوضعِ الذي أبطَلَ فيه النكاحَ إذا كانَ الخِيارُ مَشروطًا في النكاحِ، والمَوضعُ الذي أبطَلَ فيه الصَّداقَ وأجازَ النكاحَ إذا كانَ الخِيارُ مَشروطًا في الصَّداقِ دونَ النكاحِ؛ لأنَّ الصَّداقَ عَقدٌ يَصحُّ إفرادُهُ عن النكاحِ كما يَصحُّ إفرادُ النكاحِ عنهُ، فلمْ يُوجِبْ بُطلانُ الصَّداقِ بُطلانَ النكاحِ، فإذا قيلَ ببُطلانِ النكاحِ فلا مهْرَ، فإنْ أصابَها فعَليهِ مهرُ مِثلِها، وإذا قيلَ بصحَّةِ النكاحِ فقدْ حكَى أبو حامِدٍ الإسفرايِينيُّ في الصَّداقِ والخِيارِ لأصحابِنا ثَلاثةَ أوجُهٍ، ولَم أَرَ غيرَه يَحكِيه؛ لأنَّ نَصَّ الشَّافعيِّ لا يَقتضيهِ:
أحَدُها: هو أنَّ الخِيارَ باطِلٌ والصَّداقَ باطِلٌ، ولها مَهرُ مِثلِها؛ لأنه لمَّا امتَنعَ دُخولُ الخِيارِ في النكاحِ امتَنعَ دُخولُه في بَدلِه، والخِيارُ إذا دخَلَ فيما يُنافيهِ أبطَلَه.