(قالَ الشَّافعيُّ)﵀: ولم أعلَمْ مُخالِفًا في جُملةٍ أنَّ النكاحَ لا يَجوزُ على الخِيارِ كما تَجوزُ البُيوعُ، فإذا كانَ الخِيارُ فيه لا يَجوزُ لَزمَ مَنْ أعطَى هذهِ الجُملةَ -واللهُ تَعالَى أعلَمُ- أنْ لا يُجيزَ النكاحَ إذا كانَ بشَرطِ الخِيارِ (١).
وقالَ الماوَرديُّ ﵀: اعلَمْ أنَّ عقْدَ النكاحِ لا يَدخلُه خِيارُ المَجلسِ ولا خِيارُ الثَّلاثِ؛ لأنه يَنعقدُ ناجِزًا لا تُقصَدُ فيهِ المُغابَنةُ، والخِيارُ مَوضوعٌ لاستِدراكِ المُغابَنةِ، فإنْ شرَطَ فيه أحَدٌ الخِيارَينِ فهذا على ضَربينِ:
أحَدُهما: أنْ يَشترطَاهُ أو أحَدُهما في عَقدِ النكاحِ، فالنكاحُ باطِلٌ باشتِراطِه فيهِ؛ لمُنافاتِه له في اللُّزومِ.
والضَّربُ الثَّاني: أنْ يَكونَ مَشروطًا في الصَّداقِ دونَ النكاحِ، فقدْ قالَ الشَّافعيُّ في «الأُمّ» ونقَلَه المُزنِيُّ هاهُنا: إنَّ الصَّداقَ باطِلٌ والنكاحَ جائزٌ، وقالَ في «الإمْلَاء»: النِّكاحُ باطِلٌ، فاختَلفَ أصحابُنا في اختِلافِ نَصِّه في هذَينِ الموَضعَينِ، فخرَّجَه أبو عليِّ ابنُ أبي هُريرةَ على قَولينِ:
أحَدُهما: أنَّ الصَّداقَ باطِلٌ والنكاحَ جائزٌ؛ لأنَّ بُطلانَ الصَّداقِ لا يَقدحُ في صحَّةِ النكاحِ.
والقَولُ الثَّاني: أنَّ النكاحَ باطِلٌ لبُطلانِ الصَّداقِ، ولم يُحْكَ عنِ الشَّافعيِّ أنه أبطَلَ النكاحَ لبُطلانِ الصَّداقِ إلَّا في هذا المَوضعِ؛ لأنَّ دُخولَ الخِيارِ في البَدلِ كدُخولِه في المُبدَلِ.