الخِيارُ أنه إنْ شاءَ أجازَ النكاحَ وإنْ شاءَ رَدَّه؛ فالنكاحُ فاسِدٌ، وكذلكَ إنْ كانَ الخِيارُ للمَرأةِ دُونَه أو لهُمَا مَعًا أو شَرَطاهُ أو أحَدُهما لغيرِهما فالنكاحُ باطِلٌ في هذا كلِّه، فإنْ لم يَدخلْ بها فهو مَفسوخٌ، وإنْ أصابَها فلهَا مَهرُ مِثلِها بما أصابَ مِنها، ولا نِكاحَ بينَهُما، ويَخطبُها معَ الخُطَّابِ، وهي تَعتدُّ مِنْ مائِه، ولو ترَكَها حتَّى تَستبْرِئَ كانَ أحَبَّ إليَّ.
(قالَ الشَّافعيُّ): وإنما أبطَلْتُه بأنَّ النبيَّ ﷺ نهَى عن نِكاحِ المُتعةِ، فلمَّا كانَ نِكاحُ المُتعةِ مَفسوخًا لم يَكنْ للنَّهيِ عنه مَعنًى أكثَرَ مِنْ أنَّ النكاحَ إنَّما يَجوزُ على إحلالِ المَنكوحةِ مُطلَقًا لا إلى غايَةٍ؛ وذلكَ أنها إذا كانَتْ إلى غايَةٍ فقدْ أباحَتْ نفْسَها بحالٍ ومَنعَتْها في أُخرى، فلم يَجُزْ أنْ يَكونَ النكاحُ إلَّا مِطلُقًا، مِنْ قِبلِها كانَ الشَّرطُ أنْ تكونَ مَنكوحةً إلى غايَةٍ أو قِبلِه أو قِبَلِهما معًا، ولمَّا كانَ النكاحُ بالخِيارِ في أكثَرَ مِنْ المَعنَى الَّذي له فيما نَرَى فَسدَتِ المُتعةُ في أنه لم يَنعقِدْ، والجِماعُ حَلالٌ فيه على ما وَصفْتُ مِنْ الأبَدِ، ولا بحَالٍ حتَّى يُحدِثَ له اختِيارًا حادِثًا، فتَكونُ العُقدةُ انعقَدَتْ على النكاحِ والجماع لا يَحلُّ فيها بكُلِّ حالٍ، فالنكاحُ في العُقدةِ غيرُ ثابِتٍ، لمْ يَثبتِ النكاحُ بشَيءٍ حدَثَ بعدَها ليسَ هوَ هيَ، فيكونُ مُتقدِّمُ النكاحِ غيرَ ثابتٍ في حالٍ وثابتًا في أُخرى، وهذا أقبَحُ مِنْ نكاحِ المُتعةِ؛ لأنَّ نِكاحَ المُتعةِ وقَعَ على ثابِتٍ أوَّلًا إلى مُدةٍ وغيرِ ثابتٍ إذا انقطَعَتِ المُدَّةُ.