ويَدخلُ في ذلكَ السَّاعِدُ والأُذنُ والعُنقُ والقَدمُ؛ لأنَّ كلَّ ذلكَ مَواضِعُ الزِّينةِ، بخلافِ الظَّهرِ والبَطنِ والفَخذِ؛ لأنها ليسَتْ مِنْ مَواضعِ الزِّينةِ، ولأن البَعضَ يَدخلُ على البعضِ مِنْ غيرِ استِئذانٍ واحتِشامٍ، والمرأةُ في بَيتِها في ثِيابِ مِهنَتِها عادةً، فلو حَرُمَ النَّظرُ إلى هذه المَواضعِ أدَّى إلى الحرَجِ، وكذا الرَّغبةُ تَقِلُّ للحُرمةِ المُؤبَّدةِ، فقَلَّما تُشتهَى، بخلافِ ما وَراءَها؛ لأنها لا تَنكشِفُ عادةً.
ولا بأسَ بأنْ يَمَسَّ ما جازَ أنْ يَنظرَ إليه منها؛ لتَحقُّقِ الحاجةِ إلى ذلكَ في المُسافَرةِ وقلَّةِ الشَّهوةِ للمَحرَميةِ، بخِلافِ وَجهِ الأجنَبيةِ وكَفَّيها، حَيثُ لا يُباحُ المَسُّ وإنْ أُبيحَ النَّظرُ؛ لأنَّ الشَّهوةَ مُتكامِلةٌ، إلَّا إذا كانَ يَخافُ عليها أو على نَفسِه الشَّهوةِ، فحِينئذٍ لا يَنظرُ ولا يَمسُّ؛ لقَولِه ﷺ:«العَينانِ تَزنِيانِ وزِناهُما النَّظَرُ، واليَدانِ تَزنِيانِ وزِناهُما البَطشُ»، وحُرمةُ الزِّنا بذَواتِ المَحارمِ أغلَظُ فيُجتَنبُ.
ولا بأسَ بالخَلوةُ مَعهنَّ والمُسافَرةِ بهنَّ (١).
وذهَبَ الشَّافعيةُ في الصَّحيحِ عندَهم إلى أنه يَجوزُ للرَّجلِ أنْ يَنظرَ مِنْ مَحارمِه مِنْ نسَبٍ أو رَضاعٍ أو مُصاهرةٍ فيما فوقَ السُّرةِ وتَحتَ الرُّكبةِ بلا شِهوةٍ، وأمَّا ما بينَ السُّرةِ إلى الرُّكبةِ فيَحرمُ إجماعًا؛ وذلكَ لأنَّ المَحرميةَ سَببٌ يُوجِبُ حُرمةَ المُناكَحةِ، فكانَا كالرَّجلينِ والمَرأتينِ.
(١) «الهداية» (٤/ ٨٦)، و «العناية» (١٤/ ٢٤٤، ٢٤٥)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٦١، ٣٦٢).