للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعرِفُنا؟ فقالَ النبيُّ : أفَعَمْياوَانِ أنتُما؟ ألستُما تُبصِرانِه؟» (١).

ولأنَّ اللهَ تعالَى أمَرَ النِّساءَ بغَضِّ أبصارِهنَّ كما أمَرَ الرِّجالَ به، ولأنَّ النِّساءَ أحَدُ نَوعَي الآدميَّينِ، فحَرُمَ عليهنَّ النَّظرُ إلى النوعِ الآخَرِ؛ قِياسًا على الرِّجالِ، يُحقِّقُه أنَّ المعنى المُحرِّمَ للنَّظرِ خَوفُ الفِتنةِ، وهذا في المرأةِ أبلَغُ؛ فإنها أشَدُّ شَهوةً وأقَلُّ عَقلًا، فتَسارُعُ الفِتنةِ إليها أكثَرُ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : الصَّحيحُ الَّذي عليهِ جُمهورُ العُلماءِ وأكثَرُ الصَّحابةِ أنه يَحرمُ على المَرأةِ النظرُ إلى الأجنَبيِّ كما يَحرُمُ عليه النَّظرُ إليها؛ لقَولِه تعالَى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾، ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾، ولأنَّ الفِتنةَ مُشتَركةٌ، وكما يَخافُ الافتِتانَ بها تَخافُ الافتِتانَ به، ويَدلُّ عليه مِنْ السُّنةِ حَديثُ نَبهانَ مولَى أم سلَمةَ، وهذا الحَديثُ حَديثٌ حسَنٌ رواه أبو داوُدَ والتِّرمذيُّ وغيرُهما، قالَ التِّرمذيُّ: هو حَديثٌ حَسنٌ، ولا يُلتفَتُ إلى قَدحِ مَنْ قدَحَ فيه بغيرِ حُجَّةٍ مُعتمَدةٍ، وأمَّا حَديثُ فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ مع ابنِ أمِّ مَكتومٍ فليسَ فيه إذنٌ لها في النَّظرِ إليه، بل فيه أنها تأمَنُ عندَه مِنْ نظَرِ غَيرِها، وهي مَأمورةٌ بغَضِّ بصَرِها، فيُمكِنُها


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٤١١٢)، والترمذي (٢٧٧٨)، وأحمد (٢٦٥٧٩)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٥٧٥)، وقالَ أبو داودَ : هذا لأزواجِ النبيِّ خاصَّةً، أَلَا تَرى إلى اعتدادِ فاطمةَ بنتِ قَيسٍ عندِ ابنِ أمِّ مَكتومٍ، قد قالَ النبيُّ لفاطِمةَ بنتِ قيسٍ: «اعتَدِّي عندَ ابنِ أمِّ مَكتومٍ، فإنهُ رَجلٌ أعمَى، تَضعينَ ثِيابكِ عندَه».

<<  <  ج: ص:  >  >>