للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديثَينِ المُخالِفينِ للأُصولِ، وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: نَبهانُ مَجهولٌ لا يُعرَفُ إلَّا برِوايةِ الزُّهريِّ عنهُ هذا الحَديثَ، وحَديثُ فاطِمةَ صَحيحٌ، فالحُجَّةُ به لازِمةٌ، ثمَّ يُحتملُ أنَّ حديثَ نَبهانَ خاصٌّ لأزواجِ النبيِّ ، كذلكَ قالَ أحمَدُ وأبو داوُدَ، قالَ الأثرَمُ: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ: كانَ حَديثُ نَبهانَ لأزواجِ النبيِّ خاصَّةً وحَديثُ فاطِمةَ لسائرِ النَّاسِ؟ قالَ: نَعمْ، وإنْ قُدِّرَ التعارُضُ فتَقديمُ الأحادِيثِ الصَّحيحةِ أَولى مِنْ الأخذِ بحَديثٍ مُفرَدٍ في إسنادِه مَقالٌ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ في قَولٍ والشَّافعيةُ في قَولٍ رجَّحَه الإمامُ الشِّيرازيُّ والنَّوويُّ وابنُ حِبَّانَ وغيرُهم والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنه لا يَجوزُ للمرأةِ أنْ تَنظرَ إلى الرَّجلِ الأجنَبيِّ إلَّا ما يَجوزُ له أنْ يَنظرَ إليها، وهو الوَجهُ والكفَّانِ فقط؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ [النور: ٣١]، فوجَبَ أنْ يَتساوَوْا فيما يَجبُ عليهم مِنْ غَضِّ أبصارِهِم، فكُلُّ واحِدٍ منهُم أُمِرَ أنْ يَغُضَّ بصَرَه عمَّا لا يَحلُّ لهُ النَّظرُ إليهِ، ولأنَّ نظَرَ كلِّ واحدٍ مِنهُما إلى صاحِبِه داعِيةٌ إلى الافتِتانِ بهِ.

وعن أمِّ سلَمةَ قالَتْ: «كُنْتُ عندَ رسولِ اللهِ وعندَه مَيمونةُ فأقبَلَ ابنُ أمِّ مَكتومٍ وذلكَ بعدَ أنْ أُمِرْنا بالحِجابِ فقالَ النبيُّ : احتَجِبَا منهُ، فقُلنَا: يا رسولَ اللهِ أليسَ أعمَى لا يُبصرُنا ولا


(١) «المغني» (٧/ ٨١)، و «الكافي» (٣/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>