للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحتِرازُ عن النَّظرِ بلا مَشقةٍ، بخِلافِ مُكثِها في بيتِ أمِّ شَريكٍ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ والحَنفيةُ في قَولٍ إلى أنه يَجوزُ للمرأةِ أنْ تَرَى مِنْ الرَّجلِ الأجنَبيِّ ما يَراهُ الرَّجلُ مِنْ ذَواتِ مَحارمِه، وهو الوَجهُ والأطرافُ المُتقدِّمةُ التي يَراها المَحرَمُ مِنْ مَحرَمِه؛ إذ ما ذُكِرَ ليسَ بعَورةٍ بالنَّسبةِ إليهِ، وأمَّا لَمسُها ذلكَ فلا يَجوزُ، فيَحرمُ على المرأةِ لَمسُها الوجهَ والأطرافَ مِنْ الرَّجلِ الأجنَبيِّ، فلا يَجوزُ لها وضْعُ يَدِها في يَدِه، ولا وَضعُ يَدِها على وَجهِه، وكذلكَ لا يَجوزُ له وَضعُ يَدِه في يَدِها ولا على وَجهِها، وهذا بخِلافِ المَحرَمِ؛ فإنه كما يَجوزُ فيهِ النَّظرُ للوَجهِ والأطرافِ يَجوزُ مُباشَرةُ ذلكَ منها بغيرِ لذَّةٍ (٢).

وفي مُقابلِ الصَّحيحِ عندَ الحَنفيةِ أنَّ نظَرَ المرأةِ إلى الرَّجلِ كنظَرِ الرَّجلِ إلى ذَواتِ مَحارِمِه، حتَّى لا يُباحُ لها أنْ تَنظرَ إلى ظَهرِه وبَطنِه، ووجْهُ ذلكَ أنَّ حُكمَ النَّظرِ عندَ اختِلافِ الجِنسِ أغلَظُ؛ أَلَا تَرى أنه لا يُباحُ للمرأةِ أنْ تُغسِّلَ الرَّجلَ بعدَ موتِه، ولو كانَتْ هي في النَّظرِ كالرَّجلِ لَجازَ لها أنْ تُغسِّلَه بعدَ موتِه (٣).


(١) «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ٩٦، ٩٧)، و «البيان» والتحصيل (٤/ ٢٨٩)، و «المهذب» (٢/ ٣٤)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٣٥)، و «المغني» (٧/ ٨١)، و «الكافي» (٣/ ٩).
(٢) «مواهب الجليل» (٢/ ١٩١، ١٩٢)، و «شرح مختصر خليل» (١/ ٢٤٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (١/ ٣٤٦).
(٣) «المبسوط» (١٠/ ١٤٨)، و «الهداية» (٤/ ٨٥)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٦٠)، و «العناية» (١٤/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>