للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ أحمَدُ في رِوايةِ صالِحٍ: يَنظرُ إلى الوَجهِ، ولا يَكونُ عن طَريقِ لذَّةٍ، وله أنْ يُردِّدَ النظرَ إليها ويَتأمَّلَ مَحاسِنَها؛ لأنَّ المَقصودَ لا يَحصلُ إلَّا بذلكَ (١).

ونَصَّ الحَنابلةُ أيضًا على أنَّ عدَمَ إذنِها أَولى (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : ثمَّ مَذهبُنا ومَذهبُ مالكٍ وأحمدَ والجُمهورِ أنهُ لا يُشتَرطُ في جَوازِ هذا النَّظرِ رِضاها، بل له ذلك في غَفلتِها ومِن غيرِ تَقدُّمِ إعلامٍ، لكنْ قالَ مالكٌ: أكرَهُ نَظرةً في غَفلتِها مَخافَةً مِنْ وُقوعِ نَظرةٍ على عَورةٍ، وعن مالِكٍ رِوايةٌ ضَعيفةٌ أنه لا يَنظرُ إليها إلَّا بإذنِها، وهذا ضَعيفٌ؛ لأنَّ النبيَّ قد أَذِنَ في ذلكَ مُطلَقًا ولم يَشتَرطِ استِئذانَها، ولأنها تَستحِي غالبًا مِنْ الإذنِ، ولأنَّ في ذلكَ تَغريرًا، فرُبَّما رَآها فلمْ تُعجِبْه، فيَتركُها فتَنكسرُ وتَتأذَّى، ولهذا قالَ أصحابُنا: يُستحَبُّ أنْ يكونَ نظَرُه إليها قبلَ الخِطبةِ، حتَّى إنْ كَرهَها ترَكَها مِنْ غيرِ إيذاءٍ، بخِلافِ ما إذا ترَكَها بعدَ الخِطبةِ، واللهُ أعلَمُ.

قالَ أصحابُنا: وإذا لم يُمكِنْه النَّظرُ استُحبَّ له أنْ يَبعثَ امرأةً يَثقُ بها تَنظرُ إليها وتُخبِرُه، ويكونُ ذلكَ قبلَ الخِطبةِ؛ لِمَا ذكَرْناهُ (٣).


(١) «المغني» (٧/ ٧٣، ٧٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ٨، ٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٠٢، ١٠٣)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٣٤).
(٢) «كشاف القناع» (٥/ ٨، ٩).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ٢١٠، ٢١١)، و «نهاية المطلب» (١٢/ ٣٨) قالَ الجُوَينيُّ : ولا يَفتقرُ إلى إذنِ المرأةِ، بل له أنْ يَتغفَّلَها فيَنظرَها؛ لأنَّ استِئذانِها بمَثابةِ تَقديمِ الخِطبةِ، ولو أمَرَ امرأةً تَنظرُ إلى مُجرَّدِها فلا بأسَ، فقد رُويَ أنَّ رسولَ اللهِ أرادَ أنْ يتزوَّجَ امرأةً، فبعَثَ إليها أمَّ عَطيةَ وقالَ لها: «شُمِّي مَعاطِفَها وانظُرِي إلى عُرقوبِها».

<<  <  ج: ص:  >  >>